كانت إحداهما ظنية ، كان الحكم فيه ظنيا. وإنّما قلنا بحصول العلم عند حصوله بالمقدّمتين ؛ لأنّه إذا ثبت تأثير ذلك المعنى فإمّا أن يعتبر في المؤثر به حصوله في صورة الأصل ، فيلزم إدخال قيد كون المعنى هناك في تمام العلّة ، إذ مرادنا به كلّ ما لا بد منه في المؤثرية ، وإمّا أن لا يعتبر فيلزم التعليل في الفرع وإلّا لكان في الأصل تمام العلّة ومستلزما للحكم وهو في الفرع تمام العلّة وليس مستلزما فيكون ترجيحا من غير مرجّح ، لعدم اختلافه في الصورتين لا باعتبار زوال شيء كان ، ولا باعتبار تحدد ما لم يكن ، ولا فرق في العقليات وغيرها.
لا يقال : حاصله الاستدلال بحصول العلّة على حصول المعلول ، وليس ذلك بقياس.
لأنّا نقول (١) : بل هو القياس ، فإنّا إذا رأينا الحكم في صورة ثمّ دلّ الدليل على أنّ المؤثر هو كذا وعلى حصوله في الفرع حصل علم ثبوته فيه. نعم تعيّن المقدّمتين مشكل ، لأنّ الحاصل في الفرع وإن كان مثل الحاصل في الأصل لكن لا بدّ من مغايرة تمايز وهوية وإلّا اتّحدا شخصا ، فجاز أن يكون للتعيين مدخل في العلّية في الأصل أو في المانعية في الفرع.
وقد استدلّ المتكلّمون على تعيين العلّة بوجوه (٢) :
الأوّل : التقسيم غير الحاصر تعويلا على أنّهم بحثوا فلم يجدوا قسما آخر ، وهو دليل العدم ، كالمبصر إذا لم يشاهد في الدار مطلوبه بعد النظر
__________________
(١) ذكر الإشكال والجواب عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٤١٥.
(٢) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤١٦.