بقيت متساوية ، امتنع حصول ظن واحد منها على التعيين ، فلا يجوز الحكم بكونها علّة. وإن ترجّح بعضها ، فذلك الترجيح يحصل بأمر وراء المناسبة والاقتران ، لاشتراكه بين الخمسة. فإذن الراجح هو العلّة دون المرجوح.
الثاني : الصحابة أجمعوا على قبول الفرق ؛ لأنّ عمر لمّا شاور عبد الرحمن في قضية المجهضة قال : إنّك مؤدّب ولا أرى عليك بأسا. فقال علي عليهالسلام : «إن لم يجتهد فقد غشّك ، وإن اجتهد فقد أخطأ ، أرى عليك الغرّة». (١)
وجه الاستدلال : أنّ عبد الرحمن شبّهه بالتأديب المباح ، وأنّ عليا عليهالسلام فرّق بينه وبين سائر التأديبات بأنّ التأديب الّذي يكون من جنس التعزيرات لا يجوز فيه المبالغة المنتهية إلى حد الإتلاف ، وهو يدلّ على إجماعهم على قبول الفرق. وهو يقدح في جواز تعليل الحكم الواحد بعلّتين مستنبطتين.
الثالث : لو كان معلّلا بعلّتين ، فإن استقلت كلّ واحدة بالتعليل ومعنى استقلاله التعليل به دون غيره ، فهو خلاف الفرض ، وإن استقلت إحداهما خاصة ، أو لم تستقل إحداهما ، فالعلّة ليست إلّا واحدة.
الرابع : لو جاز لما تعلّق الفقهاء في علّة الزنا بالترجيح ، إذ من ضرورته صحّة الاستقلال.
__________________
(١) أصول السرخسي : ١ / ٣٠٤ ؛ المحصول : ٢ / ٣٨٤. ولم نعثر عليه في المصادر الحديثية.