قطعا ، بل ظاهرا ، فتخلّف الحكم في بعض الصور لا يقدح في غالبية الاستلزام ، فلا يكون مفسدا للعلّيّة.
الثاني : تخلّف الحكم عن العلّة على أقسام ثلاثة (١) :
أ. أن يعرض في صوب جريان العلّة ما يمنع اطّرادها ، وهو النقض. وينقسم إلى ما يعلم أنّه ورد مستثنى عن القياس مع استبقاء القياس ، وقد اختلف في أنّه هل يقدح في العلّة أم لا؟
قال قوم : لا يقدح ، سواء ورد على علّة مقطوعة ، كإيجاب صاع من التمر في لبن المصراة ، فإنّ علّة إيجاب المثل في المثليّات تماثل الأجزاء ؛ والشرع لم ينقض هذه العلّة ، إذ عليها التعويل في الضمانات ، لكن استثنى هذه الصورة ، وكما يعلم أنّ من لم يقدم على الجناية لا يؤاخذ بضمانها ثم ينتقض بضرب الدية على العاقلة أو على علّة مظنونة كالتعليل بالطعم فإنّه لا ينتقض بمسألة العرايا ، لأنّها وردت على سبيل الاستثناء وانّه رخصة للحاجة ، ولم يرد ورود النسخ للربا. ودليل كونه مستثنى وروده على علّة الكيل ، وكلّ علة (٢) وردت على كلّ المذاهب.
وكذا إذا قلنا : عبادة مفروضة ، فتفتقر إلى تعيين النية ، لم ينتقض بالحج ، فإنّه ورد على خلاف قياس العبادات ، لأنّه لو أهلّ بإهلال زيد صحّ ، ولم يعهد مثله في العبادات. وإنّما قلنا بعدم قدحه ، لأنّ الإجماع لمّا انعقد على تعليل حرمة الربا بأحد الأمور الأربعة ، ومسألة العرايا واردة على
__________________
(١) ذكرها الغزالي في المستصفى : ٢ / ٣٥٤.
(٢) في المستصفى : وعلى كلّ علّة.