بالخير خيرات وانشرافا ولا أريد الشر إرثا
وهذا أيضاً ليس بشيء.
والذي ذكروه من العرب انما هو على سبيل الا يجاز والاختصار والحذف الذي يغني فيه عن تمام الكلام معروفة القصد والإشارة اليه.
وليس هذا مما كنا فيه بسبيل ، لان قول القائل : «وعدتني إرثا» أي تمسح رأسي.
وأما قوله : «قالت قاف» فمعناه وقفت ، كذلك قوله «وانشرافاً» أي فتيرا.
وقوله «الا ان شاء» فحذف بعض الكلام لدلالة الباقي عليه وعلم المخاطب به ، وكل هذا غير موجود في الحروف المقطعة ، فكيف تجعل شاهداً عليها.
ومما قيل في ذلك أيضاً : ان الله تعالى علم أن سيكون في هذه الأمة مبتدعون يذهبون في القرآن المسموع المقتر (١) ، فإنه ليس بكلام الله تعالى ، وأن كلامه على الحقيقة غيره ، فأراد تعالى بذكر هذه الحروف التنبيه على أن كلامه هذه الحروف ، وان ما ذهبوا اليه من أن كلامه تعالى غير هذا المسموع باطل مضمحل.
وهذا أيضاً ، ليس بشيء ، لأن ما (٢) ذهب الى أن كلامه تعالى ليس حقيقة (٣) في ذاته بما يسمع ويقرأ ، وجعل هذا القرآن عبارة وعلة وحكاية على اختلاف عباراتهم لا بحجة(٤) ويبطل قوله أن يورد عليه هذه الحروف المقطعة ، فإنه إذا جاز أن يقول في المركب من هذه الحروف أنه غير المسموع وأنه في النفس ، جاز
__________________
(١) بأنه مقتر كذا في الهامش ، والظاهر : المقرو.
(٢) ظ : من.
(٣) في الهامش : حقه.
(٤) ظ : لا يحجه.