(الثالث) تركيب الماهية الجسمية من الهيولي والصورة كما يقوله الفلاسفة.
(الرابع) التركيب من الجواهر الفردة كما يقوله كثير من أهل الكلام.
(الخامس) تركيب الماهية من اجزاء كانت متفرقة فاجتمعت وتركبت.
فإن أردت بقولك لو كان فوق العرش لكان مركبا كما يدعيه الفلاسفة والمتكلمون (قيل لك) جمهور العقلاء عندهم أن الأجساد المحدثة المخلوقة ليست مركبة لا من هذا ولا من هذا. فلو كان فوق العرش جسم مخلوق أو محدث لم يلزم أن يكون مركبا بهذا الاعتبار ، فكيف يلزم ذلك في حق خالق الفرد والمركب ، الذي يجمع المتفرق ويفرق المجتمع ، ويؤلف بين الأشياء فيركبها كما يشاء ، والعقل لما دل على إثبات إله واحد ورب واحد لا شريك له ولا شبيه له لم يلد ولم يولد ، لم يدل على أن ذلك الرب الواحد لا اسم له ولا صفة ، ولا وجه ، ولا يدين ، ولا هو فوق خلقه ، ولا يصعد إليه شيء ، ولا ينزل منه شيء.
فدعوى ذلك على العقل كذب صريح على الوحى.
وكذلك قولهم ننزهه على الجهة ، إن أردتم أنه منزه عن جهة وجودية تحيط به وتحويه وتحصره إحاطة الظرف بالمظروف ، فنعم ، هو أعظم من ذلك وأكثر وأعلى ، ولكن لا يلزم من كونه فوق عرشه هذا المعنى ، وإن أردتم بالجهة أمرا يوجب مباينة الخالق للمخلوق وعلوه على خلقه استواءه على عرشه فنفيكم لهذا المعنى باطل ، وتسميته جهة اصطلاح منكم توسلتم به إلى نفي ما دل عليه العقل والنقل والفطرة ، وسميتم ما فوق العالم جهة وقلتم منزه عن الجهات ، وسميتم العرش حيزا وقلتم ليس بمتحيز.
وسميتم الصفات أعراضا وقلتم الرب منزه عن قيام الأعراض به ، وسميتم حكمته غرضا وقلتم منزه عن الأغراض ، وسميتم كلامه بمشيئته ، ونزوله إلى سماء الدنيا ومجيئه يوم القيامة فصل القضاء ومشيئته وإرادته المقارنة لمرادها وإدراكه المقارنة لوجود المدرك ، وغضبه إذا عصي ، ورضاه إذا أطيع ، وفرحه إذا