لكان مركبا. قيل له : لفظ المركب في اللغة هو الذي ركبه غيره في محله كقوله تعالي : (فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ) آية وقولهم : ركبت الخشبة والباب وما يركب من أخلاط وأجزاء بحيث كانت أجزاؤه مفرقة فاجتمعت وركب حتى صار شيئا واحدا ، كقولهم ركبت الدواء من كذا وكذا.
وإن أردتم بقولكم : لو كان فوق العرش كان مركبا هذا التركيب المعهود ، أو أنه كان متفرقا ، فاجتمع ، فهو كذب وفرية وبهت على الله وعلى الشرع وعلى العقل.
وإن أردتم أنه لو كان فوق العرش لكان عاليا على خلقه بائنا منهم مستويا على عرشه ليس فوقه شيء ، فهذا المعنى حق ، فكأنك قلت : لو كان فوق العرش لكان فوق العرش ، فنفيت الشيء بتغيير العبارة وقلبها إلى عبارة أخري ، وهذا شأنكم في أكثر مطالبكم.
وإن أردت بقولك كان مركبا أنه يتميز منه شيء عن شيء فقد وصفته أنت بصفات يتميز بعضها من بعض ، فهل كان عندك هذا تركيبا.
فإن قلت : هذا يقال لي وإنما يقال لمن أثبت شيئا من الصفات ، فأما أنا فلا أثبت له به صفة واحدة فرارا من التركيب. قيل لك : العقل لم يدل على نفي المعنى الذي سميته أنت مركبا وقد دل الوحي والعقل والفطرة على ثبوته ، أفتنفيه لمجرد تسميتك الباطلة؟ فإن التركيب يطلق ويراد به خمسة معان (تركيب) الذات من الوجود والماهية عند من يجعل وجودها زائدا على ماهيتها ، فإذا نفيت هذا التركيب جعلته وجودا مطلقا ، إنما هو في الأذهان لا وجود له في الأعيان.
(الثاني) تركيب الماهية من الذات والصفات ، فإذا نفيت هذا التركيب جعلته ذاتا مجردة عن كل وصف ، لا يبصر ولا يسمع (ولا يعلم) ولا يقدر ولا يريد ولا حياة له ولا مشيئة ولا صفة أصلا. فكل ذات في المخلوقات خير من هذه الذات فاستفدت بهذا التركيب كفرك بالله وجحدك لذاته ولصفاته وأفعاله.