عملية فكرية ،
فهذا هو العلم الضروري. وإن كان متوقفاً عليه ، بأن يتوسل بالمعلومات عنده إلى
العلم به ، فهذا هو النظري والكسبي ، فلا يستطيع الإنسان حلّ المعادلات الجبرية
بلا توسيط معلومات وتنظيمها على وجه صحيح.
هذا هو التعريف
الواضح ، وقد ذكر المتكلمون تعاريف أُخر .
ونَزيد بياناً على
ذلك بأنّ انقسام كل من التصور والتصديق إلى الضروري والكسبي ، أمر يدركه الإنسان
بالوجدان أولاً ، وبالبرهان ثانياً. إذ لولاه لانغلق باب المعرفة ، ولزم الدور
والتسلسل ، فإنّه إذا كان كل واحد من التصور والتصديق نظرياً ، فإذا حاولنا تحصيل
شيء منهما ، فنحتاج إلى تصوّر وتصديق آخر هو أيضاً نظري مستند إلى غيره من
التصورات أو التصديقات ، فإمّا أن يدور الاستناد في مرتبة من المراتب أو يتسلسل
إلى ما لا يتناهى ، وكلاهما باطل وممتنع ، فما يتوقف عليهما يكون باطلاً ممتنعاً.
فيلزم أن لا يكون شيء من التصور أو التصديق حاصلاً لنا ، وهو باطل جداً .
نظرة أُخرى في
التقسيم
قال البغدادي :
العلوم عندنا قسمان :
أحدهما : علم الله
تعالى ، وهو علم قديم ، ليس بضروري ولا مكتسب ، ولا واقع عن حسّ ولا عن فكر ونظر ،
وهو مع ذلك محيط بجميع المعلومات على التفصيل ، يعلم بعلم واحد أزلي غير حادث.
وثانيهما : علوم
الناس وسائر الحيوانات ، وهي ضربان : ضروري ومكتسب.
ثمّ قال : العلم
الضروري قسمان : علم بديهي ، وعلم حسيّ ، وعَدَّ
__________________