مستحيلة ، فإنّه إذا لم تكن هناك أيّة حقيقة موضوعية ، فإنّه لا يمكن أن تتحقق أيّة معرفة بها.
وجاء بعده «جورجياس» (١) ، فكتب كتاباً بعنوان «حول الطبيعة أو اللاوجود» ، والسفسطة واضحة في عنوانه ، حيث ساوى بين الطبيعة واللاوجود. وقد حاول في هذا الكتاب أن يبرهن على ثلاث قضايا :
١. لا يوجد شيء.
٢. إذا وجد شيء فلا يمكن معرفته.
٣. إذا أمكنت معرفته ، فلا يمكن نقل معرفته إلى الآخرين.
الآراء العملية للسوفسطائيين
بمرور الزمان ، أخذت السفسطة منحى خطيراً ، وذهب السوفسطائيون المتأخرون إلى أبعد ممّا ذهب إليه بروتاجوراس وجورجياس ، عند ما صرفوا هممهم. إلى تطبيق تعاليم معلمهم الأول بروتاجوراس ، على مجالَيْ السياسة والأخلاق ، فقالوا :
إذا لم تكن هناك أيّة حقيقة موضوعية ، وإذا كان ما يبدو صادقاً عند كل فرد ، هو صادق بالنسبة إليه فحسب ، فكذلك لن يكون هناك قانون أخلاقي موضوعي أبداً ، فإنّ ما يبدو لكل إنسان أنّه صواب ، فإنّما هو صواب بالنسبة له لا غير.
فكانت لهم هذه المقولة : إنّ مشاعري وأحاسيسي لا تُلزم أحداً سواي.
حتّى قال بعض أقطابهم ـ أعني «بولس» (٢) و «تراسيماخوس» (٣) ـ : إنّ قوانين الدولة هي من اختراع الضعفاء الذين بلغ بهم المكر مداه ، وقد لجئوا إلى هذه الحيلة للسيطرة على الأقوياء ، وسلبهم ثمار قوتهم الطبيعية.
__________________
(١) saigroG ، ٤٨٤ ـ ٣٩٦ ق. م.
(٢)soloB.
(٣)suhcamysarhT.