متخلخلة ، فيجب أن يكون الحالّ بهذا الوصف ، مع أنّ المعلوم لدى الذهن أمور متصلة متّسقة لا ثقب فيها ولا انفصال.
وبعبارة أُخرى : إنّ المدرك (بالفتح) أمر واحد متصل ، لا انفصال بين أجزائه ، ونسميه خطاً أو سطحاً أو جسماً ، فليس السطح المدرك لنا إلّا شيئاً واحداً منبسطاً انبساطاً واحداً ، لا مؤلفاً من أجزائه. ومثله غيره.
فلو كانت الصورة العلمية ، موجوداً ماديّاً منطبعاً على الأعصاب الدماغية ، فلا منتدح من اتّصافها بصفة محالّها ، فعندئذٍ لا تظهر صورة الجسم والسطح والخط في أفق الإدراك إلّا بأوصاف محالّها. فلو كان المدرك (بالكسر) هو الدماغ والأعصاب لامتنع انطباع أمر واحد متصل فيه ، فلا بد أن يكون شيئاً وراءه ، بسيطاً لا تركُّب فيه ، وهو النفس.
إجابة الماديين عن الاستدلال
أجاب الماديون عن الاستدلال المتقدم بأنّ عدم وجدان خواص المادة وشئونها (الانفصال) في الصور العلمية الّتي ندركها ، لا يدلّ على عدم اتّصاف الصور بتلك الآثار. فإنّا وإن كنّا نجد الصور العلمية متصلة في ظرف الإدراك ، لا ثقب فيها ولا خلل ، إلّا أنّ ذلك لا يستلزم القول بأنّ الفواصل والثقوب غير موجودة بين أجزاء الصور ، وكم فرقٍ بين الأمرين.
وإن أردت استجلاء ذلك ، فقس الصور العلمية للأجسام على نفس الأجسام الواقعية. فكما أنّ العين ـ لمكان ضعفها ـ لا تقدر على تمييز الثقوب والفواصل ، وترى الأجسام والسطوح والخطوط متصلات ، فهكذا الصور العلمية المنطبعة في الدماغ ، فإنّها أُمور منفصلة نتخيلها على غير واقعها.
يلاحظ عليه :
إنّا لا ننكر شيئاً ممّا ذكروه ، ونحن أيضاً نقول بأنّ إدراك الجسم على صفة الاتصال إدراك تخيّلي. ولكن نضيف أنّ صور الأجسام في ظرف الخيال مسلوبٌ عنها أثر المادة (الانفصال) ، فالصور العلمية في هذا الظرف (الخيال) صور متصلة. فاقدة لخواص المادة. فتكون النتيجة أنّه وجد في ظرف الخيال أُمور غير