أ ـ نظرية الفلسفة العلمية في تعدد مراحل المعرفة
إنّ أصحاب هذه النظرية يقسّمون مراحل المعرفة إلى الأقسام التالية :
١. المعرفة الحسيّة.
٢. المعرفة العلمية.
٣. المعرفة الفلسفية.
فكل معرفة متقدمةٍ ، تكون مقدِّمةً لحصول معرفة أوسع وأكمل ، وإليك البيان :
إذا عرّض الإنسان للنار معدناً خاصّاً كالرصاص ، فرأى انّه يذوب عند درجة خاصة؛ أو لاحظ أنّ مريضاً ما مبتلًى بالصداع مثلاً ، قد برئ عند استعمال عشبة طبيّة معينة ، فهذه المرحلة يطلق عليها المرحلة الحسيّة ، إذ هي لا تتجاوز إطار الحسّ.
ثمّ إذا كرّر هذا العمل مرّات عديدة وفي ظروف مختلفة ، استطاع العقل أن ينتزع منه قانوناً كليّاً وهو أنّ الرصاص يذوب عند درجة كذا ، والنبات الفلاني مبرئٌ من الصداع ، فهذه المرحلة هي المرحلة العلمية ، ومنها يستنتج قاعدة وقانوناً علمياً عاماً.
وأمّا المعرفة الفلسفية فهي عندهم عبارة عن المعرفة الّتي لا تختص بعلم دون علم أو موضوع دون موضوع ، وإن شئت قلت : هي عبارة عن المعرفة العامة المنتزعة من غالب العلوم أو جميعها.
مثلاً : القوانين الرياضية مختصة بموضوعها كالكم المنفصل والمتصل (الأعداد ، والسطوح) ، وهكذا قوانين العلوم الفيزيائية والكيميائية. وأمّا إذا انتزع الإنسان من هذه القوانين والعلوم قاعدةً تثبتها جميعها أو غالبها فهي قانون فلسفي ، كقانون التكامل العام الّذي تدعمه جميع العلوم التجريبية. فالتكامل أمر يثبته علم الأحياء وعلم الاجتماع وغيرهما. فالمطلع على هذه العلوم يصل إلى معرفة فلسفية وينتزع منها قانوناً كليّاً سائداً على الكون أجمع.
وهذه المرحلة من المعرفة فوق المرحلة العلمية ، فإنّ المعرفة العلميّة تختص