أدوات المعرفة
(٣)
التمثيل
من الوسائل الّتي يتوصل بها الإنسان إلى المعرفة ، ويرفع بها الأستار عن وجه الحقائق: التمثيل ، الاستقراء ، والتجربة (١).
وقد كان الأغارقة ـ وبالأخص أرسطو (٣٨٤ ـ ٣٢٢ ق. م) في منطقه ـ يعتمدون في أبواب المعرفة على هذه الوسائل ، وإن كان اعتمادهم على التجربة أقل ، وإنّما شاع الاعتماد عليها واتُّخِذت سلاحاً صارماً في كشف الحقائق ، في عصر النهضة الغربية (٢) ، حتّى أنّها احتلت مكان التعقل والبرهنة في العلوم الطبيعية ، ولقد كان هذا الاحتلال في محلّه ، غفل عنه الأقدمون من الطبيعيين حين كانوا يعتمدون في كشف الحقائق الطبيعية على الاستدلال والبرهنة من دون جعلها تحت بوتقة التجربة. ونخصُّ البحث في هذا المقام بالتمثيل (٣) ، فنقول :
التمثيل : هو إسراء حكم من شيء إلى شيء آخر لجهة مشتركة بينهما.
وبعبارة أُخرى : هو إثبات حكمٍ في جزئيٍّ ، لثبوته في جزئيٍّ آخر مشابه.
__________________
(١) وهذه الأدوات الثلاث مزيج من العقل والحسّ كما ستعرف.
(٢)ecnassianeR. وقد بدأت هذه النهضة في إيطاليا ثمّ عمّت أوروبا في القرنين الخامس عشر والسادس عشر ، وجاءت نتيجة انفتاح الغربيين على دراسة الحضارات القديمة ، والإسلامية على الخصوص.
(٣) وسيأتي الكلام في كلُّ من الاستقراء والتجربة منفرداً.