تصدير
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
«نظرية المعرفة» ، علم يبحث عن حقيقة المعرفة الإنسانية وقيمتها وأدواتها ، وما يرتبط بتلك من العوارض كمراحل المعرفة وحدودها وموانعها وغير ذلك ، وهو من العلوم التي عكف عليها الغربيون في القرون الأخيرة ، واضافوا عليه صبغة علم مستقل.
وقد بحث عنها الفلاسفة الإسلاميون في مختلف فصول علمي المنطق والفلسفة ، ولكنهم لم يفردوها بالبحث المستقل. ولذا فقد طلب مني عدّة من أفاضل الجامعة الإسلامية ، قديماً وحديثاً ، أن أُقدّم لهم محاضرات تشتمل على أكثر مسائلها ، مع التركيز على ما هو المحقّق في الفلسفة الإسلامية ، والتطرق إلى آراء الغربيين فيها ، فكانت تلك المحاضرات ، ثمّ كانت ثمرتها هذا الكتاب الماثل بين يديك ، وهو نتيجة جهود ولدنا الفاضل المحقق العلامة الشيخ حسن محمد مكي العاملي ـ أدام الله توفيقه ـ وهو ممن يشار إليه بالأنامل ، بين الأماثل والأفاضل.
وقد بذل ـ أيّده الله تعالى ـ مساعيه وجهوده في ضبط بحوث هذا العلم ، وترصيف فصوله ، والرجوع إلى المصادر التي نقلت عنها ، وقد أبدع في كل ذلك وأجاد ، ببيان فائق خال عن الإيجاز المخل ، والإطناب المملّ ، وبعين الله ، فلقد أتحف المكتبة العربية والإسلامية بهذا الأثر ، وسدّ الفراغ الهائل الذي كانت تعانيه