الترابط بين
القضايا والنتائج في الأقيسة ، فكما أنّ السنخية معتبرة في الأخيرة ، حيث لا يمكن
استنتاج كل نتيجة من كل قضية وقياس ، فهكذا الأمر في مسألة التأثير والتحول ، فليس
كل تحول في علمٍ ما موجباً للتحول في كل العلوم ، ما لم يكن بين العلمين سنخية.
فإذن ، كما أنّ
السنخية شرط أساسي في الاستنتاج ، فهكذا هي شرط أساسي للتأثير والتحول.
ولأجل ذلك يمكننا
أن نُقِرّ بصحة التأثير والتحول في المواضع التالية :
١. إنّ تحول مسألة
رئيسية في علم ، تؤثّر في جميع مسائل ذلك العلم أو أكثر ، لوجود السنخية ، ويمكن
أن نلاحظ أمثلة متعددة لذلك.
ففي علم الفلك ،
كان للتحول عن نظرية بطليموس القائلة بمركزية الأرض للعالم ، إلى مركزية الشمس
للكواكب السيارة ، الّتي تشكل الأرض فرداً منها ، أثرٌ كبيرٌ في تغيير مجرى العلوم
الفلكية.
وفي الفلسفة ، كان
للتحول من أصالة الماهية إلى أصالة الوجود ، وكذلك التحول من تباين الوجودات
بالذات ، إلى تباينها بالتشكيك في مراتب الحقيقة الواحدة ، وكذلك التحول من القول
بالكون والفساد إلى الحركة الجوهرية ، كان لكل ذلك آثاره العميقة في المسائل
الفلسفية.
٢. التحول في
مسألة من مسائل علم آلي بالنسبة إلى علم آخر ، كعلم الأُصول بالنسبة إلى الفقه ،
يؤثّر على مسائل العلم الآخر. ولذلك كان لتأسيس أصل ورود الأمارات على الأصول
العملية ، عقليها وشرعيها ، أثر كبير في كثير من المسائل الفقهية ، بحيث لم يعد
صحيحاً الاستدلال بالأصل العملي ـ كأصالة البراءة ـ مع وجود الدليل الاجتهادي.
٣. موضوعات القرآن
الكريم ، فإنّ القرآن بما أنّه كتاب سماوي خالد عبر الأجيال والأزمنة ، قد بحث عن
موضوعات كثيرة ترتبط بالفلسفة ، والعرفان ، والأخلاق ، وعلم الاجتماع ، والهيئة ،
والبيئة ، والنفس ، والطبيعة ، ومن
__________________