مشكلة التذكر (بالنظر
إلى الأُصول المادية). فإنّ حاصل كلامهم أنّ عامة التذكرات علوم حديثة يتخيلها
الإنسان أنّها عين ما كان يعرفه من قبل ، ولكنها ليست ـ في الحقيقة ـ عينه ، بل
مثله. وهذا إنكار للتذكر من أساسه.
وبعبارة أُخرى :
إنّ الماديين يزعمون أنّ القديم والحديث ، والسابق واللاحق ، بالنظر إلى واقعهما ،
متغايران ، لكنهما في ظرف الخيال واحد.
فنقول : نحن نتمسك
باعترافهم بالوحدة في ظرف الخيال ونقول : هذه العينية المتحققة في ذلك الظرف
معناها أنّ هناك إدراكاً ثابتاً ولو في فترة التخيّل ، وهو لا يصحّ أن يكون
ماديّاً ، لأنّ حقيقة المادة هي السيلان والتبدّل والتغيّر واللاثبات ، وذلك على
طرف النقيض من الوحدة.
وما ربما يقال من
أنّ الخيال وهم ليس له سهم من الحقيقة ، أمر قابل للتحليل ، فإنّ القوة الخيالية
والصور المتحققة فيها ، موصوفان بالخيال بالنسبة إلى الخارج الحقيقي ، وأمّا
بالنظر إلى مرتبتهما الوجودية ، فهما من مراتب الحقيقة والواقع ، ودرجات الإدراك.
الآراء الماديّة
في تفسير التذكر : نقل وتحليل
إنّ ما ذكره
الفلاسفة قديماً وحديثاً ، في تفسير التذكر تفسيراً ماديّاً ، لا يخلو كلّه من
إشكال. ومع ذلك ننقل أبرز ما ذكروه في هذا المجال.
لقد جعلوا مراحل
الإدراك أربع :
المرحلة الأولى :
الإدراك الابتدائي ، وهو إدراك شيء بإحدى القوى الظاهرية في بادئ الأمر.
المرحلة الثانية :
الحفظ ، وهو إبقاء الأثر الموروث من الإدراك الابتدائي ، إذ لو لم يحتفظ الذهن
بالأثر الموروث من الإدراك الابتدائي ، لما أمكنه أن يلتفت إليه يوماً ما ويسترجعه
بلا استعانة من القوى الظاهرية.
المرحلة الثالثة :
التذكر ، وهو انعطاف الذهن إلى استرجاع ما أدركه سابقاً.