الفرضية كثيراً من الأمراض ، وكانت عملياتهم ناجحة. ومع ذلك لا يمكن القول بأنّ صحة نتائجهم دليل على صحة فرضيتهم.
ج ـ من السذاجة جعل صحة النتيجة دليلاً على صحة الفرضية ، لإمكان أن تكون نتيجةٌ واحدةٌ مترتبة على فرضيتين مختلفتين. مثلاً :
إذا أخبرت مديرية السكك الحديدية بأنّ قطاراً سينطلق من دمشق إلى المدينة المنورة الساعة الثالثة صباحاً بسرعة خمسين كيلومتراً في الساعة ، وأخبرت أيضاً بأنّ قطاراً آخر سيتحرك في نفس الساعة من المدينة باتّجاه دمشق بسرعة مائة كيلومتر في الساعة. فعند ذلك ، يصحّ لمن كان له إلمام بمواقع المحطات أن يتنبّأ بأنّ القطارين سيلتقيان في محطة كذا ، في الساعة الثانية عشرة ليلاً ـ مثلاً ـ ويخبر عنه بجزم. والإنسان الساذج يجعله دليلاً على صحة ما أخبرت به المديرية ، وليس كذلك ، بدليل أنّه لو تحركا على عكس ما أخبرت به المديرية بأنْ كانت سرعة القطار المتوجه إلى المدينة مائة كيلومتر ، والمتوجه إلى دمشق خمسين كيلومتراً ، تتحقق نفس تلك النتيجة ، والقطاران يلتقيان في الوقت المعيّن.
ورابعاً ـ إنّ هناك قضايا يحكم عقل الجميع بامتناعها ، كاستحالة الدور والتسلسل ، وليس لأحد إنكار امتناعها ، فمن أين وقف أصحاب هذا المذهب (التجريبي) على استحالتها؟ أفهل وقفوا عليه من طريق التجربة؟ من المعلوم بطلانه ، لأنّ الأمور المستحيلة معدومات صرفة ، فكيف يمكن إجراء التجارب عليها ، ولو وقعت تحت إطار التجربة لدلّ ذلك على أنّها موجودة لا معدومة مستحيلة.
وخامساً ـ نحن وأصحاب هذا المذهب (التجريبي) معترفون بالمادة بمفهومها الفلسفي ، الّتي لها ظواهر وأعراض وصفات ، لكن المادة بهذا المفهوم لا تقع في إطار التجربة ، وإنّما الواقع فيه آثارها ، فالزهرة الّتي نراها على الشجرة ، أو نلمسها بأيدينا ، إنّما نرى لونها ، ونحسّ بنعومتها ، ولسنا نرى ولا نحسّ ـ في جميع الأحوال ـ الجوهر المادي الّذي تكسوه هذه الظواهر والأعراض.
ولذلك ذهب السذج من الطبيعيين إلى إنكار المادة قائلين ـ في المثال ـ بأنّه ليس لنا وراء الرائحة الزكية واللون الأحمر والطعم الخاص شيء نسمّيه زهراً. مع