كميّ يحصل ببطء ، والآخر تغيّر فجائي يحصل بصورة دفعية نتيجة للتغيرات الكمية المتدرجة ، بمعنى أنّ التغيرات الكمية تبلغ إلى مرحلة تتغير فيها من الكمية إلى كيفية جديدة.
مثلاً : إنّ الماء عند تسخينه ترتفع درجة حرارته تدريجياً ، ويحصل بسبب هذا الارتفاع التدريجي ، تغيرات كمية بطيئة ، حتّى إذا وصلت درجة حرارته إلى المائة ، فينقلب في تلك اللحظة من حالة السيلان إلى البخارية ، وتنقلب فجأة تلك التغيرات الكمية إلى حالة كيفية جديدة.
وهكذا في جانب البرودة ، فإنّها لا تزال تنخفض شيئاً فشيئاً إلى أن تصل إلى حدّ لا تقبل معه طبيعة الماء الانخفاض التدريجي في برودتها ، فيتحول الماء فجأة إلى الجليد.
وقد أبدع هذا الأصل الفيلسوف الألماني «هيجل» (١٧٦١ ـ ١٨٣٦ م) ، وقد استخدمته الفلسفة الديالكتيكية في توجيه نظرياتها الاجتماعية والفلسفية. وفي ظل هذا الأصل قالوا : يتبدّل النظام الإقطاعي إلى الرأسمالية ، وهي إلى الاشتراكية. وفي المقام يفسّرون تبدل المعرفة الحسيّة إلى العقلية بأنّه من قبيل انتقال التبدلات الكمية إلى التبدلات الكيفية.(١)
يلاحظ عليه :
أوّلاً : إنّ هذا الأصل على فرض صحته ، غير صحيح في مثال الماء المعروف عندهم. وذلك أنّ التبدلات الطارئة على الماء عند تزايد الحرارة إنّما هي من قبيل التبدلات الكيفية لا الكمية ، لأنّ التبدلات الكمية الحاصلة في الماء عبارة عن تزايد الماء وتناقصه. وأمّا تصاعد السخونة فليس من تزايد الماء وتناقصه في شيء ، ولهذا لا يكون من قبيل التبدلات الكمية ، بل هو من التبدلات الكيفية ، فكيف سمّى «هيجل» تصاعد السخونة بالتبدّل الكمي؟
ثمّ إنّ تبدّل الماء الحار إلى بخار ليس تبدّلاً كيفياً حاصلاً في الماء ، بل البخار
__________________
(١) هذا الّذي ذكروه ناشئ من أحد أُصول الديالكتيك الّتي تبنّاها «هيجل» ، ويعرف ب «قفزات التطور» وستأتي الإشارة إليه وإلى سائر أصول الديالكتيك في الفصل الثاني عشر.