ويستفاد من حديث آخر أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كان يزور المقابر مع جماعة من أصحابه ، ويُعلّمهم كيفية الزيارة :
«كانَ رَسُولُ الله يُعَلِّمُهُمْ ـ إذا خَرَجُوا إلى الْمَقابِرِ فَكانَ قائِلُهُمْ يَقُولُ : السَّلامُ عَلى أَهْلِ الدِّيارِ ـ أو ـ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الدِّيارِ مِنَ المؤمنينَ وَالْمُسْلِمينَ ، وإنّا إنْ شاء الله للاحِقُونَ ، أسألُ الله لَنا ولَكُمُ الْعافِيَة». (١)
النساء وزيارة القبور
المسألة الأخيرة الّتي ينبغي التحدّث عنها هي : زيارة النساء للقبور ، وقد روي في بعض الأحاديث أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ نهى عن زيارة النساء للقبور :
«لَعَنَ رَسُولُ الله زَوّارات الْقُبُور». (٢)
ولكن يجب الانتباه إلى أنّ تحريم النساء من زيارة القبور ـ استدلالاً بهذا الحديث ـ غير صحيح ، وذلك لعدّة أُمور :
أوّلاً : إنّ كثيراً من العلماء يعتبرون هذا النهي نهي تنزيه وكراهة ، وقد جاءت الكراهة لأسباب خاصّة بذلك الزمان ، يشير إليها صاحب كتاب «مفتاح الحاجة في شرح صحيح ابن ماجة» فيقول :
«اختلفوا في الكراهة هل هي كراهة تحريم أو تنزيه؟ ذهب الأكثر إلى الجواز إذا أمِنَت الفتنة».
ثانياً : (٣) لقد مرّ عليك ـ في حديث عائشة ـ أنّ النبيّ ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ رخّص في زيارة القبور. (٤)
__________________
(١) صحيح مسلم : ٣ / ٦٥ ، باب ما يقال عند دخول القبر.
(٢) سنن ابن ماجة : ١ / ٤٧٨ ، كتاب الجنائز الطبعة الأُولى بمصر.
(٣) حواشي سنن ابن ماجة : ١ / ١١٤ ، طبعة الهند.
(٤) راجع الحديث رقم ٣.