هو للبناء الّذي بُني على القبر ، أمّا إذا كان البناء سابقاً على الدفن فليس الإبقاء عليه حراماً.
فانظر كيف يُفرّق في الحكم ويفتي من تلقاء نفسه ، تبريراً لما قام به المسلمون يومذاك ، ومحاولاً التملّص من الحقّ الّذي يُلاحقه ويصدمه.
التناقض بين الوهّابية وسيرة المسلمين
هذه النقطة ـ الّتي سبق الحديث عنها ـ ليست هي النقطة الوحيدة الّتي يتجلّى فيها التناقض بين الوهّابيّة وسيرة المسلمين طوال أربعة عشر قرناً.
بل أنّ التناقض في موارد أُخرى كثير جدّاً ، فمثلاً : يعتبر الوهّابيّون التبرّك بآثار النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ حراماً ، وينهون عنه بشدّة ويقولون ـ دائماً ـ إنّ الحجر والطين لا ينفعان شيئاً ، ولكنّك ترى المسلمون يتزاحمون على الحجر الأسود لتقبيله ولمسه والتبرّك به ، ويتهافتون على كسوة الكعبة للتمسّح بها وبالكعبة وتقبيلهما ووضع الخدّ عليهما ، فالمسلمون يقبّلون الحجر والطين ويخالفون الوهّابيّة الّتي تقول بأنّ الحجر والطين لا ينفعان.
وكذلك يحرّم الوهّابيّون بناء المساجد بجوار مراقد الأولياء ، في حين أنّه توجد في كلّ البلاد الإسلامية مساجد مشيَّدة بجوار المشاهد ، حتّى في أرض «أُحد» كان مسجد بجوار قبر سيّدنا حمزة ـ رضوان الله عليه ـ ولمّا احتلّ الوهّابيّون تلك البقاع المقدّسة عمدوا إلى هدم المسجد وطمس آثاره!!!
والآن ترى المرقد الطاهر لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ واقعاً في وسط المسجد ، والمسلمون يقيمون الصلاة لله من أطرافه وجوانبه الأربعة. وكم لهذه القضايا من نظير ومثيل ، فانظر إلى البون الشاسع بين الوهّابيّة وسيرة المسلمين ، ممّا يدلّ على انفصال الوهّابيّة عن الإسلام ، وانفصال الوهّابيّين عن المسلمين.