إنّ مشاهدة هذا المنظر يهزّ الإنسان قلباً وروحاً ، ويخفّف فيه روح الطمع والحرص على الدنيا وزخارفها وشهواتها ، ولو نظر الإنسان إليها بعين الاعتبار لغيّر سلوكه في هذه الحياة ، واعتبر لآخرته ، وراح يخاطب نفسه : إنّ هذه الحياة المؤقتة لا بدّ أن تزول ، وإنّ الفترة الّتي أعيشها لا بدّ أن تنتهي ويكون مصيري إلى حفرة عميقة ، تتراكم عليّ تلال من التراب وهناك الحساب ، إمّا ثواب وإمّا عذاب ، فلا تستحقّ هذه الحياة المؤقّتة أن يجهد الإنسان نفسه من أجل المال والجاه والمنصب ، فيظلم هذا ويؤذي ذلك ، ويرتكب الجرائم والمنكرات.
إنّ نظرة تأمّل إلى هذا الوادي الساكن ترقّق القلب مهما كان قاسياً ، وتُسمع الإنسان مهما كان صُماً ، وتُفتح العيون مهما كانت حالكة ، وكثيراً ما تدفع بالإنسان إلى إعادة النظر في سلوكه وحياته ، والشعور بالمسئوليات الكبيرة أمام الله تعالى وأمام الناس.
يقول الرسول الأعظم ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم :
١. «زُورُوا الْقُبُورَ فَإِنَّها تُذَكِّركُمُ الآخِرَة». (١)
بالرغم من أنّ مسألة زيارة القبور ليست بحاجة إلى إقامة الدليل والبرهان على صحّتها وضرورتها ، ولكننا نضطر إلى التحدّث عنها لأُولئك الذين يتوقّفون فيها.
القرآن وزيارة القبور
إنّ الله تعالى ينهى حبيبه محمّداً ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ عن الصلاة على جنازة المنافق والقيام على قبره ، فيقول سبحانه :
__________________
(١) سنن ابن ماجة : ١ / ١١٣ ، باب ما جاء في زيارة القبور.