وهكذا يظهر لنا أنّ الهدف من البناء على قبور أصحاب الكهف إنّما كان نوعاً من التعظيم لأولياء الله الصالحين.
أيّها القارئ الكريم : بعد ما مرّ عليك من الآيات الكريمة الثلاث ، لا يمكن القول بحرمة البناء على قبور أولياء الله ولا بكراهته بأيّ وجه ، بل يمكن اعتباره نوعاً من تعظيم شعائر الله ومظهراً من مظاهر المودّة للقربى.
٤. الإذن في ترفيع بيوتٍ خاصّة
لقد أذن الله تعالى في ترفيع البيوت الّتي يُذكر فيها اسمه عزوجل ، فقال عزّ من قائل : (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ * رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ...). (١)
والاستدلال بهذه الآية ـ على جواز البناء على القبور ـ يتمّ ببيان أمرين :
الأوّل : ما هو المقصود من البيوت؟
الثاني : ما هو المقصود من الرفع؟
بالنسبة إلى الأمر الأوّل : ليس المراد من البيوت هو المساجد فقط ، بل المراد منها ما هو الأعمّ من المساجد والأماكن الّتي يُذكر فيها اسم الله تعالى ، سواء كانت مساجد أو غير مساجد ، كبيوت الأنبياء والأئمّة ـ عليهمالسلام ـ والصالحين الذين لا تُلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ، فهذه البيوت تُعتبر من المصاديق البارزة للآية الكريمة.
بل يمكن أن يقال : إنّ المراد من البيوت هو غير المساجد ، لأنّ البيت هو البناء الّذي يتشكّل من جدران أربعة وعليها سقف قائم ، وإذا كانت الكعبة يُقال
__________________
(١) النور : ٣٦ ـ ٣٧.