وقال : (لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً). (١)
فأي إجلال أبلغ من هذا ، وأي تقدير أروع من هذا التقدير.
وليس الذكر الحكيم وحده هو الداعي والآمر بحب الرسول ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ بل السنّة النبوية تضافرت على لزوم حبه.
قال رسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ : «لا يؤمن أحدكم حتّى أكون أحبّ إليه من والده وولده والناس أجمعين». (٢)
وقد تواتر مضمون هذه الرواية عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، فمن أراد فليرجع إلى الكتب المعدّة لهذا الغرض. (٣)
مظاهر الحب
إنّ لهذا الحب مظاهر ومجالي ، إذ ليس الحب شيئاً يستقر في صقع النفس من دون أن يكون له انعكاس خارجي على أعمال الإنسان وتصرفاته ، بل من خصائصه أن يظهر أثره على سلوك الإنسان وملامحه.
١. حب الله ورسوله لا ينفك عن اتّباع دينه والاستنان بسنّته والانتهاء عن نواهيه ، ولا يعقل أبداً أن يكون المرء محباً لرسول الله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ ، ومع ذلك يخالفه فيما يبغضه ولا يرضيه. والاتّباع أحد مظاهر الحبّ قال سبحانه : (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (٤). فمن ادّعى الحب في النفس وخالف في العمل ، فقد جمع بين شيئين متخالفين متضادين.
__________________
(١) النور : ٦٣.
(٢) صحيح البخاري : ١ / ٨ ، باب حبّ الرسول من الإيمان من كتاب الإيمان.
(٣) كنز العمال : ٢ / ١٢٦.
(٤) آل عمران : ٣١.