شفعاؤنا عند الله. (١)
وعلى أساس هذا التصوّر الباطل كانوا يعبدون هذه الأصنام ، تقرّباً إلى الله تعالى وكانوا يقولون :
(... ما نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى ...). (٢)
وخلاصة القول : إنّ أيّ عمل ينبثق من هذا الاعتقاد ويدلّ على الانقياد والخشوع ، فهو عبادة ، وفي المقابل : إنّ أيّ فعل لا يستند إلى اعتقاد كهذا ، لا يُعتبر عبادة ولا شركاً ، فلو خضع إنسان أمام موجود وكرّمه وعظّمه ، دون أن يعتقد بهذا الاعتقاد ، فلا يُعتبر عمله شركاً ولا عبادة ، حتّى لو فُرض عمله ذلك حراماً.
مثلاً : لا يُعتبر سجود العاشق لمعشوقه ، والمأمور لآمره ، والمرأة لزوجها ... عبادة ، بالرغم من أنّه حرام شرعاً ، لأنّ السجود خاصّ بالله تعالى ، ولا يجوز لأحد أن يأتي به ـ حتّى بصورته الظاهرية المجرّدة عن العقيدة ـ إلّا بأمره سبحانه.
نتيجة البحث
إلى هنا استطعنا ـ نوعاً ما ـ أن نوضّح حقيقة «العبادة» والآن يجب أن نستخلص النتيجة من هذا البحث ... فنقول : لو أنّ إنساناً خضع وتواضَع لآخرين ، دون أن يعتبر أحدهم «إلهاً» أو «ربّاً» أو «مصدراً» مستقلاً لأفعال الله تعالى ، بل يحترمهم لأنّهم :
(... عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ). (٣)
__________________
(١) قال تعالى : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ) (يونس : ١٨).
(٢) الزمر : ٣.
(٣) الأنبياء : ٢٦ ـ ٢٧.