سبحانه ، لأنّ المسلمين لا يكرّمون النبيّ الأكرم ولا يتبرّكون به وبآثاره إلّا لأنّه رسول الله ونبيُّه الحبيب المصطفى ، الّذي شرّفه الله على كلّ الأنبياء والمرسلين وفضَّله على الخلق أجمعين ، فكلّ تكريم وتعظيم لأولياء الله إنّما هو تعظيم لله سبحانه ، وليست حقيقة التوحيد إلّا أن يكون كلّ شيء لله ومن أجله وفي سبيله ، وعند ذلك يكون الله هو المبدأ كما يكون هو المنتهى.
وسوف نتحدّث ـ في الفصل القادم ـ عن العبادة ومفهومها بالضبط والتحقيق.
أمّا الآن فالبحث عن التبرّك بآثار الأولياء ، فيجب أن نعرض المسألة على كتاب الله وسنّة رسوله ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ كي يتجلّى الحقّ بأجلى مظاهره.
القرآن والتبرُّك
نكتفي من القرآن الكريم بآية واحدة ، وهي عن لسان النبيّ يوسف ـ عليهالسلام ـ :
(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً ...). (١)
إنّ النبيّ يوسف أرسل قميصه إلى أبيه ، وقال لإخوانه : اذهبوا بقميصي هذا وألقوه على وجهه حتّى يعود إليه بصره.
يقول تعالى :
(فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ...). (٢)
فهذه الآية صريحة بجواز التبرّك بآثار الأنبياء والأولياء حتّى لنبيٍّ آخر ، فهذا النبيّ يعقوب يتبرّك بقميص النبيّ يوسف ـ عليهالسلام ـ ومن الواضح أنّ الشفاء من الله
__________________
(١) يوسف : ٩٣.
(٢) يوسف : ٩٦.