الرجال في جانب ، وموسم النساء في جانب آخر ، فرأيت من الذهب والفضّة والأسلحة والإبل والغنم والخيل والألبسة الفاخرة وسائر المآكل ما لا يمكن وصفه ، والموسم ممتدٌّ مدّ البصر ، وكنت أسمع أصوات البائعين والمشترين وقولهم : بعت واشتريت كدويّ النحل .... (١)
ولكن من أين كلّ هذه الثروات الهائلة؟!
إنّ «ابن بشر النجدي» لم يتعرّض لذكر مصدر هذه الثروات الهائلة ، لكن المستفاد من التاريخ هو أنّ ابن عبد الوهّاب كان يحصل عليها من خلال الهجمات التي كان يشنّها ـ مع أتباعه ـ على القبائل والمدن التي ترفض الانجراف إليه ، وكان يسلب أموالها وينهب ثرواتها ويوزّعها على أهل الدرعيّة.
وكان محمّد بن عبد الوهّاب ينتهج أُسلوباً خاصّاً في تقسيم الغنائم ـ المسلوبة من المسلمين الرافضين للانحراف ـ فقد كان يتصرّف فيها حسب رغبته الشخصيّة ، فمرّة كان يُقسّمها ـ رغم كثرتها بين اثنين أو ثلاثة من أتباعه ، وكان أمير نجد يأخذ نصيبه من الغنائم ، بموافقة ابن عبد الوهّاب نفسه.
ومن أهمّ نقاط الانحراف في ابن عبد الوهّاب هو هذه المعاملة السيّئة مع المسلمين الذين ما كانوا يخضعون لأهوائه وآرائه ، فقد كان يُعاملهم معاملة الكافر المحارب ، يُبيح أموالهم وأعراضهم.
وخلاصة القول : إنّ محمّد بن عبد الوهّاب كان يدعو إلى التوحيد ، ولكن لتوحيد خاطئ من صُنع نفسه ، لا التوحيد الّذي يُنادي به القرآن الكريم ، فمن خضع له و «لتوحيده» سلمت نفسه وأمواله ، ومن أبى فهو كافر حربي ، ودمه وماله هدر!!
__________________
(١) تاريخ نجد : ١١٧ ـ ١١٨.