عليه أبناء البصرة الغيارى وأخرجوه مدحوراً من ديارهم ، فتوجّه إلى مدينة الزبير.
وفي الطريق ـ بين البصرة والزبير ـ تعب من المشي ونال منه الحرُّ والعطش نيلاً شديداً بحيث كاد أن يهلك ، فأدركه رجل من الزبير فعطف عليه عند ما رآه مرتدياً زيَّ رجال الدين ، وسقاه الماء وأركبه وأوصله إلى المدينة.
كان محمّد بن عبد الوهّاب عازماً على السفر إلى الشام ، لكنّه لم يكن يملك ما يكفيه من المال والزاد ، فسافر إلى الأحساء ومنها إلى حريملة التابعة ل «نجد».
في تلك السنة ـ وكانت سنة ١١٣٩ ه ـ انتقل والده عبد الوهّاب من عُيينة إلى حريملة فلازم الولد والده وتتلمذ على يده ، وواصل حملاته المسعورة ضدّ الشعائر الدينية في نجد ، ممّا أدّى إلى نشوب النزاع والخلاف بينه وبين أبيه من جهة ، وبينه وبين أهالي نجد من جهة أُخرى ، واستمرّت الحالة على هذه حتّى عام ١١٥٣ ه حيث توفّي والده. (١)
عند ذلك خلا الجوّ لمحمّد بن عبد الوهّاب ، فراح يُعلن عن عقائده الشاذّة ، ويستنكر على الناس ما يمارسونه من الشعائر الدينية ، ويدعوهم إلى الانخراط في حزبه وتحت لوائه ، فانخدع بعضٌ ورفض آخرون ، واشتهر أمره في المدينة.
عندها قفل راجعاً إلى «عُيينة» وكان يحكم عليها عثمان بن حمد ، فاستقبله وأكرمه ، ووقع القرار بينهما على أن يُدافع كلٌّ عن صاحبه ، باعتبار أنّ لأحدهما السلطة التشريعية وللآخر السلطة التنفيذية ، فحاكم عيينة يمدّه بالقوّة ومحمّد بن عبد الوهّاب يدعو الناس إلى طاعة الحاكم واتّباعه.
ووصل الخبر إلى حاكم الأحساء بأنّ محمّد بن عبد الوهّاب يدعو إلى آرائه
__________________
(١) اقتطفناه من تاريخ نجد للآلوسي : ١١١ ـ ١١٣.