__________________
فالذات لا تؤثر إلّا في صفة لها لا لغيرها ، وإن أرادت أن صفته من كونه مالكا اقتضت الصفة للفعل وهي الحرمة فالصفة لا تقتضي صفة إلّا لموصوفها.
وإن أردتم أن صفة الوجوب والحرمة خلق له تعالى فهما صفتان بالفاعل كما هو المشهور من قولكم فلا دليل على كونهما مخلوقتين.
وأيضا : يقال فيه : هل صيغة الأمر والنهي موضوعة لإلزام الفعل والترك ولزوم ذلك على المأمور والمنهي لزم أن تكون الصيغتان مستعملتين في الشاهد للأمر والنهي من بعضنا لبعض مجاز لا حقيقة ولم يقل به أحد.
وإن كانتا موضوعتين لإلزام الفعل أو الترك وليس لزوم ذلك من معناهما لزم أن يكون إطلاق الصيغتين من الباري سبحانه مجازا على الإطلاق فلا قرينة والمجاز أولى من الاشتراك ولا قائل به.
فكيف يصحّ القول بكون الحرمة والوجوب مستفادة من إطلاق الباري الصيغتين مع أنه لا دليل إلّا ما ذكرناه من كونه يؤدّي إلى كفر النعمة وكفران النعمة بالإساءة إلى المنعم وذلك قبيح بضرورة العقل.
(نعم) هذا البحث المذكور إنّما هو مبنيّ على أن الفعل من العبد حتى يثبت له الأحكام المذكورة من حرمة ووجوب وحسن وقبح.
أمّا على قول مذهب الأشعرية وسائر المجبرة : إن كل فعل فالله فاعله ولا فاعل سواه : فالفساد فيه ظاهر لأنه يؤول المعنى في صيغة : افعلوا الواردة من الباري إلى : أوجبت عليكم ، كذا افعل وكذا : لا تفعلوا فمعناه : حرمت عليكم أن أفعل فيكون فعل الله سبحانه واجبا على المأمور ومحرّما على المنهي بمثابة أن يقال : أمرت زيدا بفعل عمرو ونهيته عن فعل بكر ، وهذا خلف وخطل من الرأي ، وهذا لا يقبله عاقل فليتأمل.
هذا ما سنح للحقير إلى الله / حسن بن حسين الحوثي وفقه الله للصواب وظهر له بفكرته وفوق كل ذي علم عليم.
واعلم : أنك إذا تأملت ما في هذا وفهمت نفعك في مواضع كثيرة وأزال عنك إشكالات وأوقفك على الحقائق.
والله الموفق للصواب. حرّر شهر جمادى الآخرة سنة ١٣٨١ ه.