«فإن البدرة عنده» أي عند الملك المعطي «حقيرة و» هي «عندهما» أي المعطى والسامع «جليلة» عظيمة بالنظر إلى حالهما ، فالمتحدث بشكرها لا يعدّ ساخرا عند العقلاء مع أن نعم الله سبحانه تجل وتعظم عن أن تقاس بعطيّة ملك مربوب مملوك ليس له من الملك إلّا ما ملكه الله سبحانه.
«و» أيضا «لو سلّمنا» لهم وفرضنا صحة ما زعموه على استحالته «لزم» منه «أن يجعلوا لله» سبحانه و «تعالى علوا كبيرا صفة نقص حيث أمر أن يسخر به في قوله تعالى : (وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ) (١) إذ ذلك» : أي الأمر بأن يسخر به «صفة نقص عند العقلاء» يوجب الكفر بالله تعالى «مع أنّ استحقارهم» أي الأشعرية ومن وافقهم «لنعم الله» حيث شبهوها باللقمة «ردّ» منهم «لقوله تعالى» : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) (٢).
«وآتيناهم ملكا عظيما» : فنصّ سبحانه على عظم ما تفضّل به على آل إبراهيم وأنعم به عليهم «و» كذلك «قوله تعالى» مخاطبا لنبيّنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم (وَكانَ فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ عَظِيماً) (٣) : فوصف تعالى فضله على نبيئه صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالعظم وذلك لا ينافي كونه حقيرا عند الله تعالى كما سبق «ومن ردّ آية» من كتاب الله تعالى «كفر بإجماع الأمة المعلوم» عند العلماء «بل ذلك» أي كفر من ردّ آية «معلوم من الدين ضرورة» لأنه تكذيب لله تعالى ، وقد قال تعالى : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) (٤) «و» الجواب «عن» المسألة «الثانية» وهي : حكم الأشياء التي خلقها الله من الأشجار والأحجار وغير ذلك التي لا يتعلق بتناولها مدح ولا ذم قبل أن يرد الشرع (٥) ببيانها كالتمشي في الأرض وتناول الشربة من ماء غير محاز أن نقول
__________________
(١) الضحى (١١).
(٢) النساء (٥٤).
(٣) النساء (١١٣).
(٤) العنكبوت (٦٨).
(٥) (ض) شرع.