«فإن قيل : لم لم يكن الجزاء» من الله سبحانه بالثواب والعقاب «في الدنيا» مع عدم فنائها.
قال عليهالسلام : «قلت : وبالله التوفيق : لعلم الله سبحانه وتعالى أن أكثر العصاة لا يوقنون به» أي بالجزاء حينئذ أو بالله تعالى وإن ظهرت الأدلة عليه تعالى لعنادهم وإهمالهم «فلو أنه تعالى عاقبهم» في دار الدنيا «من غير» فنائها وغير «خلق ما يعلمون به ضرورة» أي بضرورة العقل أن ذلك الذي لحقهم [وأنّ معمولة ليعلمون] عقوبةمنه تعالى لهم على عصيانهم (لم يعرفوا كون ذلك)العقاب الواصل إليهم في الدنيا عقوبةوجزاء لهم على عصيانهم «وإنما يعدونه» أي ذلك العقاب في الدنيا «من نكبات الدّهر» التي صارت تصيب غيرهم «كما يزعمون ذلك» ويتحدثون به في الماضين والباقين وينكرون كونه (١) عقوبة من الله تعالى لهم على عصيانهم وهذا في حق العصاة «و» كذلك ان أكثر «الممتحنين لو جوزوا» في دار الدنيا «مع عدم مثل ذلك» أي مع عدم خلق ما يعلمون به ضرورة أن الواصل إليهم جزاء «لم يعلموا ضرورة أن الواصل إليهم جزاء» من الله سبحانه على أعمالهم الصالحة وعوض عن امتحانهم «بل» ربّما «يحصل التجويز» منهم «أنه من سائر التّفضلات» المبتدءات من الله تعالى عليهم في دار الدنيا.
وأيضا لو وقع الجزاء «مع عدم كشف الغطاء» أي مع عدم اضطرارهم إلى معرفته تعالى ومعرفة كونه جزاء «بخلق ذلك» أي بخلق ما يعلمون به ضرورة أن الواصل إليهم جزاء لكان في ذلك «إثبات لحجة الأشقياء» على الله تعالى «لانتفاء الفرق عندهم» أي عند الأشقياء «بين من يخافه تعالى بالغيب» أي قبل يوم القيامة للأدلة العقلية والشرعية المؤدية إلى معرفته تعالى وصدق وعده ووعيده فعملوا بمقتضاها «وبين من لا يخافه تعالى إلّا عند مشاهدة العذاب» وحين لا تنفع التوبة ولا تقبل المعذرة فيتوهم الأشقياء استوى الفريقين فيحتجون على الله تعالى «فيقولون» حين مشاهدة العذاب «تبنا» عن عصيانك «كالتائبين» من الذين تابوا قبلنا من المؤمنين «وأطعناك» الآن
__________________
(١) (أ) كون ذلك.