فثبت أن الحركة والسكون مما يدرك بالمشاهدة.
والأصوات كما ذكرنا أعراض وشبحها الذي تحل فيه المتكلم في الابتداء والشجرة (١) التي خلق الله الكلام فيها ، وبعده الهوى فطره الله سبحانه على حمل الأصوات والدخول بها في الآذان السّامعات فهو شبحها بعد انقطاع كلام المتكلم.
وقولهم إن الحياة من جملة الأعراض إن أرادوا بالحياة الرّوح فالصحيح أنه جسم كما سيأتي إن شاء الله تعالى ، وإن أرادوا به غيره فليس في الحيّ شيء يعقل يسمّى حياة غير الروح وغير الجسم الحي والله أعلم.
وأما الأصل الثاني : وهو أن هذه الأعراض محدثة : فإنا نعلم بالضرورة حدوث الحركة بعد أن لم تكن وكذلك باقيها ، وكذلك نعلم أنه ما من جوهر حاصل في جهة إلّا ويجوز انتقاله عنها ، ولا ساكن إلّا ويجوز تحركه ، ولا مجتمع إلّا ويجوز افتراقه ، ولا مفترق إلّا ويجوز اجتماعه لأنّ المصحّح لهذه الحصولات ليس إلّا كونها أجراما ، والجرميّة حاصلة في كل جوهر.
وأما الأصل الثالث : وهو أن الأجسام لا يجوز خلوّها عن هذه الأعراض فمعلوم بالضرورة أيضا لأنّ الأجسام لا تعقل إلّا لازمة لهذه الصفات (٢).
وأما الأصل الرابع : وهو أن ملازمة الأجسام للأعراض مستلزم لحدوث الأجسام فهو معلوم أيضا ، لما ثبت من ملازمة الجسم للعرض وعدم انفكاك العرض عنه ، وذلك واضح فثبت حدوث العالم.
واعلم أنه لا خلاف بين المسلمين في حدوث العالم.
قال الإمام عليهالسلام : ومعناه عند أئمة أهل البيت عليهمالسلام وجماهير علماء الإسلام من المعتزلة وغيرهم : أنه لا ذوات قبل إحداثها وأن الله سبحانه هو الموجد لها والمذوّت لها من العدم المحض ، وقالت البهشمية ، ومن
__________________
(١) (ض) أو الشجرة.
(٢) صوابه ملزومة تمت سيدي الحسين بن القاسم رحمهالله.