الحياء والستر من عباده ، فمن ستر مسلما ستر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ويكره المجاهرة بالفسوق والإعلان بالفاحشة ، وأن من أمقت الناس عنده من بات على معصية والله يستره ، ثم يصبح فيكشف ستر الله عليه. وقد توعد الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين آمنوا بأن لهم عذابا أليما في الدنيا والآخرة ، وفي الحديث «كل أمتي معافى إلا المجاهرين».
* * *
وهو الحليم فلا يعاجل عبده |
|
بعقوبة ليتوب من عصيان |
وهو العفو فعفوه وسع الورى |
|
لولاه غار الأرض بالسكان |
الشرح : ومن أسمائه سبحانه (الحليم والعفو) فالحليم الذي له الحلم الكامل الذي وسع أهل الكفر والفسوق والعصيان حيث أمهلهم ولم يعاجلهم بالعقوبة رجاء ان يتوبوا ولو شاء لأخذهم بذنوبهم فور صدورها منهم ، فإن الذنوب تقتضي ترتب آثارها عليها من العقوبات العاجلة المتنوعة ، ولكن حلمه سبحانه هو الذي اقتضى إمهالهم كما قال تعالى (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ، وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) [فاطر : ٤٥].
وأما العفو فهو الذي له العفو الشامل الذي وسع ما يصدر من عباده من الذنوب ، ولا سيما إذا أتوا بما يوجب العفو عنهم من الاستغفار والتوبة والإيمان والأعمال الصالحة ، فهو سبحانه يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ، وهو عفو يحب العفو ويحب من عباده ان يسعوا في تحصيل الأسباب التي ينالون بها عفوه من السعي في مرضاته والإحسان إلى خلقه ، ومن كمال عفوه أنه مهما أسرف العبد على نفسه ثم تاب إليه ورجع غفر له جميع جرمه ، كما قال تعالى (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر : ٥٣].
ولو لا كمال عفوه وسعة حلمه سبحانه لغارت الأرض بأهلها لكثرة ما