الخرد الغيد من عرائس الجنان فتخطب لنفسك واحدة منهن من ربك الرحمن ثم تقدم لها مهرها من الإيمان والتقى ما دمت ذا قدرة وإمكان. فذلك النكاح أيسر وأخف كلفة من خطبة واحدة من نساء هذا الزمان ، ولا سيما على من له نسب بالعلم والإيمان.
وأعلم أنك لم تخرج إلى هذه الدنيا لتتخذها دار قرار تعكف على لذاتها العاجلة وحطامها الهزيل الفاني ، وإنما خرجت للابتلاء والامتحان لكي تكسب لنفسك زادا يؤهلك لبلوغ دار القرار ، ولكنك بدلا من أن تشتغل بما خلقت له وقفت عند شهواتك الدنيا ، وأذهبت طيباتك في هذه الحياة ، ولم تتخذ الزاد لآخرتك حتى فات العمر وذهبت الفرصة ، وحتى فاتك الذي ألهاك عن الاستعداد لأخراك فو الله لو أن القلوب سليمة غير معلولة لتقطعت حسرات على ما مر من أيام قضتها في التفريط والغفلات والجري وراء الأوهام والخيالات ، ولكنها ثملة بحب ما ترتع فيه من شهوات وسوف تصحو من سكرتها بعد حين ، ولكن هيهات أن ينفعها ذلك هيهات.
* * *
فصل
فاسمع صفات عرائس الجنات ثم اخ |
|
تر لنفسك يا أخا العرفان |
حور حسان قد كملن خلائقا |
|
ومحاسنا من أجمل النسوان |
حتى يحار الطرف في الحسن الذي |
|
قد ألبست فالطرف كالحيران |
ويقول لما أن يشاهد حسنها |
|
سبحان معطي الحسن والإحسان |
والطرف يشرب من كئوس جمالها |
|
فتراه مثل الشارب النشوان |
كملت خلائقها وأكمل حسنها |
|
كالبدر ليل الست بعد ثمان |
والشمس تجري في محاسن وجهها |
|
والليل تحت ذوائب الأغصان |
فتراه يعجب وهو موضع ذاك من |
|
ليل وشمس كيف يجتمعان |