الشرح : أعلم أن الجهمية المعطلة لا يجدون لهم سلاحا يشهرونه في وجه أهل الحق والإثبات إلا إيراد اللوازم والرمي بالشناعات ، فيقولون لهم مثلا : يلزم على اثباتكم صفة العلو لله أن يكون في جهة وأن يكون في حيز ، وأن يكون ذا قدر ونهاية ، وأن يكون جسما كما يلزم على إثبات الوجه واليد والعين أن يكون له جوارح وأعضاء إلى غير ذلك مما امتلأت به كتبهم التي ألفوها في نفي الصفات ودفع مذهب أهل الإثبات.
والمؤلف رحمهالله يرد عليهم هنا بأن لوازم المعنى لا تكون مقصودة عند ذكره إلا ممن يعرف لزومها له ، فهذا هو الذي يمكن أن يؤخذ بما يلزم ما يثبته من معان ، وأما غيره ممن يجهل اللزوم بينهما فليس بلازم في حقه القصد إلى اللوازم عند ذكر المعنى مهما تكن اللوازم بينة واضحة ، إذ قد يكون لزومها مجهولا له ، أو يكون معلوما ولكن أصابته غفلة عن ذلك اللزوم بسبب كثرة سهوه ونسيانه ، ولذلك قرر العلماء بأن لازم المذهب لا يكون مذهبا بلا حجة ولا برهان ، وأن من حكى ذلك عنهم فهو من أجهل الجهل والعدوان ، ولا فرق في ذلك بين اللوازم الظاهرة واللوازم الخفية ، فإن الإنسان قد يذهل عن اللازم القريب ، وهذا الحكم أنما هو بالنسبة إلى اللوازم التي ثبت لزومها ، أما ما ليس بلازم في الحقيقة ، ولكن يظن الذهن لزومه ، فهذا أولى أن لا يعتبر لازما ، فلا تشهدوا أيها المعطلة على ما تلزموننا به شهادة زور وبهتان ، فترمونا بالقول بتلك اللوازم ، وأنها مذهب لنا ، مع أنا لم نقصدها ولم تخطر لنا في الأذهان عند إثبات الصفات للرحمن.
* * *
بخلاف لازم ما يقول الهنا |
|
ونبينا المعصوم بالبرهان |
فلذا دلالات النصوص جلية |
|
وخفية تخفى على الأذهان |
والله يرزق من يشاء الفهم في |
|
آياته رزقا بلا حسبان |
واحذر حكايات لأرباب الكلا |
|
م عن الخصوم كثيرة الهذيان |
فحكوا بما ظنوه يلزمهم فقا |
|
لوا ذاك مذهبهم بلا برهان |