ووجوبه مشروط بحضور الإمام ، ولا يجب مع غيبته.
قال «قدّس الله روحه» :
ومنها : الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ، بشروطه ، وهي : العلم بكون المعروف معروفا ، والمنكر منكرا ، وتجويز التّأثير والأمن [من الضّرر. وهما واجبان على كلّ مستطيع].
أقول : من العبادات الواجبة : الأمر بالمعروف ، والنّهي عن المنكر ، وهما واجبان ، إجماعا ، وإنّما الخلاف في شيئين :
أحدهما : هل وجوبهما عقليّ أو سمعيّ؟ فيه قولان (١).
والثّاني : أنّ وجوبهما على الأعيان ، أو [على] الكفاية؟ فيه قولان أيضا (٢).
__________________
ومن لا كتاب له ولا شبهة كتاب ، وهم من عدا هؤلاء الثّلاثة أصناف من عبّاد الأصنام والأوثان والكواكب ، وغيرهم ، فلا يقرّون على دينهم ببذل الجزية.
ومتى امتنع أهل الكتاب من بذل الجزية قوتلوا وسبيت ذراريهم ، ونساؤهم ، وأموالهم تكون فيئا.
(١) قال ابن إدريس :
قال الجمهور من المتكلّمين والمحصّلين من الفقهاء : إنّهما يجبان سمعا ، وأنّه ليس في العقل ما يدلّ على وجوبهما ، وإنّما علمناه بدليل الإجماع من الامّة وبآي من القرآن والأخبار المتواترة. فأمّا ما يقع منه على وجه المدافعة ، فإنّه نعلم وجوبه عقلا ، لما علمناه بالعقل من وجوب دفع المضارّ عن النّفس ، وذلك لا خلاف فيه ، وانّما الخلاف فيما عداه ، وهذا الّذي يقوى في نفسي ، والّذي يدلّ عليه هو أنّه لو وجبا عقلا ، لكان في العقل دليل على وجوبهما ، وقد سبرنا أدلّة العقل فلم نجد فيها ما يدلّ على وجوبهما ، ولا يمكن العلم الضّروريّ في ذلك ، لوجود الخلاف فيه ، وهذا القول خيرة السّيد المرتضى. وقال قوم : طريق وجوبهما : العقل. وإلى هذا المذهب ذهب شيخنا أبو جعفر الطّوسي «رحمهالله» في كتاب الاقتصاد ، بعد أن قوّى الأوّل ، واستدلّ على صحّته بأدلّة العقول ، ثمّ قال «رحمهالله» : يقوى في نفسي أنّه يجب عقلا الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر ، قال : لما فيه من اللّطف ، ولا يكفي فيه العلم باستحقاق الثّواب والعقاب ، قال : لأنّا متى قلنا ذلك ، لزمنا أنّ الإمامة ليست واجبة بأن يقال يكفي العلم باستحقاق الثّواب والعقاب وما زاد عليه في حكم النّدب وليس بواجب ، قال «رحمهالله» : فالأليق بذلك أنّه واجب. السّرائر : ١٦٠.
(٢) قال الشّيخ بالأول ، والسّيّد المرتضى بالثّاني ، احتجّ الشّيخ بعموم الوجوب من غير اختصاص ، بقوله تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) آل عمران : ١٠٦. احتجّ السّيّد بأنّ المقصود وقوع الواجب وارتفاع القبيح ، فمن قام به كفى عن الآخر في الامتثال ، ولقوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) آل عمران : ١٠٠ النّافع يوم الحشر : ٩٥.