قال «قدّس الله روحه» :
فنقول : يجب على المكلّف أن يعرف أنّ الله تعالى موجود ، لأنّه أوجد العالم بعد أن لم يكن ، إذ لو كان العالم قديما ، لكان إمّا متحرّكا ، أو ساكنا ، والقسمان باطلان.
أمّا الحركة ؛ فلأنّ ماهيّتها تستدعي المسبوقيّة بالغير ، والقديم لا يصحّ أن يكون مسبوقا بالغير (١) ، ولا يعقل قدم الحركة ، وكذلك السّكون ، لأنّه عبارة عن الكون الثّاني في المكان الأوّل ، فيكون مسبوقا بالكون الأوّل بالضّرورة ، والأزليّ لا يكون مسبوقا بالغير (٢) ، فثبت حدوث العالم.
أقول : نذكر أوّلا تفسير الألفاظ الّتي اشتمل عليها هذا الفصل ؛ فالمكلّف : هو الإنسان الحيّ ، البالغ ، العاقل.
والعالم : عبارة عمّا سوى الله تعالى ، وإنّما سمّي العالم عالما ، لأنّه علامة على وجود الله تعالى.
والجسم : هو القابل للقسمة طولا وعرضا وعمقا.
والقديم : هو الّذي لا أوّل لوجوده ، أو : الّذي لا يسبقه غيره.
والمحدث : مقابله ، وهو ما (٣) لوجوده أوّل ، أو : الّذي يسبقه غيره.
والحركة : هي الحصول الأوّل للجسم في المكان الثّاني.
والسّكون : هو الحصول الثّاني للجسم في المكان الأوّل ، وذلك لأنّ الجسم لا بدّ له إذا وجد من مكان ، فأوّل حصوله في المكان يسمّى كونا مطلقا ، ففي الآن الثّاني إن كان في مكان آخر فهو الحركة ، وإن بقي في الآن الثّاني في ذلك المكان ، فهو السّكون.
__________________
(١) «ج» : بغيره.
(٢) «ج» : بغيره.
(٣) «ج» : الّذي.