معارضته فقط ، لوجب أن يكون أغثّ ما يمكن أن يكون من الكلام ، فكانت تكون الحجة بذلك أبلغ » .
ثم ردّ على هذين الدليلين بوجه تافه غير قابل للنقل ، وقال في آخر كلامه : « فإنّها معجزة لا يقدر على المجيء بمثلها أبداً ، لأنّ الله تعالى حال بين الناس وذلك » (١) .
١٠ ـ قال المحقق الطوسي : « وإعجاز القرآن قيل : الفصاحة ، وقيل : الأُسلوب وفصاحته معاً ، وقيل : للصرفة ، والكلُّ محتمل » (٢) .
هذه حقيقة نظرية الصرفة ، ذكرناها على وجه رفعنا عن وجهها الغشاوة والإبهام .
* * *
إنّ نظرية الصرفة ، نظرية قاصرة وسقيمة من جهات :
أما أوّلاً : فلأنّه لو كان القرآن من حيث الفصاحة والبلاغة وروعة النظم وبداعة الأسلوب ، غير بالغ حدّ الإعجاز ، وكان العرب قبل البعثة متمكنين من إلقاء الخطب والأشعار على هذا النمط من الكلام ، فيجب أن ينتشر ما يضاهي القرآن في البلاغة ، والفصاحة بين أوساطهم وأندية شعرهم وأدبهم ، ويكون مثله متوفراً بينهم ، فعندئذٍ نسأل : أين هذه الخطَب والجمَل المضاهية للقرآن الكريم ، الرائجة بينهم ؟ وهل يمكن لأصحاب مذهب الصرفة إراءة نماذج منها ؟! ونحن مع ما بذلنا من الفحص والتتبع عنها في مظانها من مجاميع الكتب الأدبية ، لم نجد حتى النزر اليسير منها .
وثانياً : فإنّ مذهب الصرفة يبتني على حصول الحيلولة بين العرب
__________________
(١) الفصل ، ج ٣ ، ص ١٧ وص ٢١ .
(٢) كشف المراد ، ص ٢٢٣ ، ط صيدا .