( هُوَ ) .
أقحم الفصل لبيان أنّه المُعَيَّن لهذه النقيصة ( الأبتر ) ، وأنّه المُشَخَّص لهذه الغميصة (١) .
( الْأَبْتَرُ ) .
عرّف الخبر ، ليتمّ له البتر .
فسبحان من أعجز فصحاء العرب والعجم ، عن الإتيان بمثل هذه السورة على وجازة ألفاظها ، مع تحدّيه إيّاهم بذلك ، وحرصهم على بطلان أمره ، منذ بعث النبي إلى أمرنا هذا .
وسبحان من لو أَنزل هذه الواحدة وحدها ، ولم ينزل ما قبلها وما بعدها ، لكفى بها آية تغمر الأذهان . ومعجزة توجب الإذعان ، فكيف بما أنزل من السبع الطوال (٢) .
جرت حكمته سبحانه على نزول الوحي تدريجياً ، لحكمة صرّح بها سبحانه في قوله : ( وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ، كَذَٰلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ ، وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا ) (٣) .
ولأجل وقوع الفترة بين نزول الوحي ، عابه المشركون على النبي الأكرم ، فقالوا : إنّ محمداً قد ودعه ربُّه وَقَلاه ، ولو كان أمره من الله لتتابع عليه ، فنزلت السورة التالية :
( وَالضُّحَىٰ * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ * وَلَلْآخِرَةُ
__________________
(١) يقال اغتمصت فلاناً اغتماصاً : احتقرته ( لسان العرب ، مادة غمص ، ج ٧ ، ص ٦١ ) .
(٢) ما ذكرنا من النكات البيانية لسورة الكوثر مقتبسة من رسالة الزمخشري ، في إعجازها ، التي طبعت في مجلة « تراثنا » ، ومع ذلك كله ، لم يأت بجميع النكات الموجودة في هذه الآيات الثلاث
(٣) سورة الفرقان : الآية ٣٢ .