رجالكم ، ثم قد تناول النّساء وأنت تسمع ، فلم يكن عندك في ذلك غير (١). فقلت : قد والله صدقتنّ وما كان عندي في ذلك من غير (١) إلّا أنّي أنكرت. ولأتعرّضنّ له ، فإن عاد لأكفينّكه.
فغدوت في اليوم الثالث أتعرّض له ليقول شيئا فأشاتمه. فو الله إنّي لمقبل نحوه ، وكان رجلا حديد الوجه ، حديد النّظر ، حديد اللّسان ، إذ ولّى نحو باب المسجد يشتدّ. فقلت في نفسي : اللهمّ العنة ، كل [هذا] (٢) فرقا (٣) أن أشاتمه. وإذا هو قد سمع ما لم أسمع ، صوت ضمضم ابن عمرو [الغفاريّ] (٤) ، وهو واقف [على] (٥) بعيره بالأبطح ، قد حوّل رحله وشقّ قميصه وجدّع بعيره ، يقول : يا معشر قريش ، اللّطيمة (٦) اللّطيمة! أموالكم مع أبي سفيان ، قد عرض لها محمد ، فالغوث الغوث! فشغله ذلك عنّي ، وشغلني عنه. فلم يكن إلّا الجهاز حتى خرجنا ، فأصاب قريشا ما أصابها يوم بدر. فقالت عاتكة :
ألم تكن الرؤيا بحقّ وجاءكم |
|
بتصديقها فلّ من القوم هارب (٧) |
__________________
(١) في ح : (غيره) في الموضعين. قال «ابن الأنباري» في قولهم «لا أراني الله بك غيرا» الغير تغيّر الحال ، وهو اسم واحد بمنزلة القطع والعنب وما أشبههما ، ويجوز أن يكون جمعا واحدته غيرة.
قال بعض بني كنانة :
فمن يشكر الله يلق المزيد |
|
ومن يكفر الله يلق الغير |
انظر : الزاهر ٢ / ٣١٣ ولسان العرب ، والنهاية في غريب الحديث ، وتاج العروس ١٣ / ٢٨٧.
(٢) إضافة من سيرة ابن هشام ٣ / ٣١.
(٣) في هامش ح (أي خوفا).
(٤) إضافة من السيرة.
(٥) سقطت من الأصل ، ح ، وزدناها من ع. والسيرة.
(٦) اللّطيمة : العير التي تحمل الطّيب وبزّ التجارة وسائر المتاع غير الميرة ، أو كل سوق ويجلب إليها ذلك.
(٧) الفلّ القوم المنهزمون : وفي هامش ح : ويقال جاء فلّ القوم أي منهزموهم. يستوي فيه الواحد والجمع.