قال : والله ما يكذب محمد. فكاد أن يحدث. فرجع فقال لامرأته : أتعلمين ما قال أخي اليثربيّ؟ قالت : وما قال؟ قال : زعم أنّ محمدا يزعم أنّه قاتلي. قالت : فو الله ما يكذب. فلما خرجوا لبدر وجاء الصّريخ قالت له امرأته : أما علمت ما قال اليثربيّ. قال : فإنّي إذن لا أخرج. فقال أبو جهل : إنّك من أشراف أهل الوادي فسر معنا يوما أو يومين. فسار معهم ، فقتل. أخرجه البخاري (١).
وأخرجه أيضا من حديث إبراهيم بن يوسف [بن إسحاق] (٢) بن أبي إسحاق السّبيعي ، عن أبيه ، عن جدّه. وفيه ، فلما استنفر (٣) أبو جهل النّاس وقال : أدركوا عيركم كره أميّة أن يخرج. فأتاه أبو جهل فقال : يا أبا صفوان إنّك متى يراك النّاس تخلّفت ـ وأنت سيّد أهل الوادي ـ تخلّفوا معك. فلم يزل به حتى قال : [أما] (٤) إذا غلبتني فو الله لأشترينّ أجود بعير بمكة. ثم قال : يا أمّ صفوان جهّزيني فما أريد أن أجوز معهم إلّا قريبا. فلما خرج أخذ لا ينزل منزلا إلّا عقل بعيره. فلم يزل بذاك حتى قتله الله ببدر (٥).
وذكر الزّهري قال : إنّما خرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمن خرج من أصحابه يريدون عير قريش التي قدم بها أبو سفيان من الشام ، حتى جمع الله بين الفئتين من غير ميعاد. قال الله تعالى ، (إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ) (٦).
* * *
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب الأنبياء ، باب علامات النبوّة في الإسلام (٤ / ٢٤٩).
(٢) زيادة في اسمه من تهذيب التهذيب (١ / ١٨٣).
(٣) في الأصل (استفزّ) والتصحيح من ع ، ح.
(٤) سقطت من الأصل وبقية النسخ ، وزدناها من صحيح البخاري.
(٥) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب ذكر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم من يقتل ببدر (٥ / ٩١).
(٦) سورة الأنفال : من الآية ٤٢.