حارثة (١) بن علقمة ، أحد بكر بن وائل ، أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم (٢).
وكان أبو حارثة قد شرف فيهم ودرس كتبهم حتى حسن علمه في دينهم. وكانت ملوك الروم من أهل النصرانية قد شرّفوه وموّلوه وبنوا له الكنائس. فلما توجّهوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم من نجران ، جلس أبو حارثة على بلغة له موجّها إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وإلى جنبه أخ له ، يقال له : كرز بن علقمة ، يسايره (٣) ، إذ عثرت بغلة أبي حارثة ، فقال له كرز : تعس الأبعد ، يريد رسول الله صلىاللهعليهوسلم. فقال له أبو حارثة : بل أنت تعست. فقال له : لم يا أخي؟
فقال : والله إنه للنّبيّ الّذي كنّا ننتظره. قال له كرز : فما يمنعك وأنت تعلم هذا؟ قال : ما صنع بنا هؤلاء القوم شرّفونا وموّلونا ، وقد أبوا إلّا خلافه ، ولو فعلت نزعوا منّا كل ما ترى.
فأضمر عليها أخوه كرز بن علقمة حتى أسلم بعد ذلك (٤).
* * *
قال ابن إسحاق :
وحدّثني محمد بن أبي محمد مولى زيد بن ثابت ، حدّثني سعيد بن جبير ، أو عكرمة ، عن ابن عباس قال : اجتمعت نصارى نجران وأحبار يهود عند رسول الله صلىاللهعليهوسلم فتنازعوا ، فقالت الأحبار : ما كان إبراهيم إلّا يهوديا ، وقالت النّصارى : ما كان إلّا نصرانيا. فأنزل الله فيهم : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تُحَاجُّونَ
__________________
(١) في الطبقات لابن سعد ١ / ٣٥٧ «الحارث».
(٢) الأسقف : عند النصارى رئيس لهم في الدين فوق القسّيس ودون المطران. والحبر : بفتح الحاء المهملة : العالم ذمّيا كان أو مسلما بعد أن يكون من أهل الكتاب. والمدراس : بيعة اليهود. وفي طبقات ابن سعد «مدارسهم».
(٣) يسايره : يسير معه. وفي (ع) : «على يساره» ، وهو وهم.
(٤) الإصابة لابن حجر ٣ / ٢٩٢ رقم ٧٣٩٨.