ثانية ، فقام عثمان فقال : يا رسول الله ، عليّ مائتا بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله. ثم حضّ ، أو قال : حثّ ، الثالثة ، فقام عثمان فقال : يا رسول الله ، عليّ ثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها في سبيل الله. قال عبد الرحمن : أنا شهدت رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يقول على المنبر : «ما على عثمان ما عمل بعد اليوم». أو قال : «بعدها» (١). رواه أبو داود الطّيالسيّ (٢) وغيره ، عن السّكن بن المغيرة.
وقال ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن عبد الله بن القاسم ، عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة ، عن مولاه ، قال : جاء عثمان إلى النّبيّ صلىاللهعليهوسلم بألف دينار حين جهّز جيش العسرة ، ففرّغها في حجر النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فجعل يقلّبها ويقول : «ما ضرّ عثمان ما عمل بعد اليوم» (٣). قالها مرارا.
* * *
وقال بريد ، عن أبي بردة ، عن أبي موسى ، قال : أرسلني أصحابي إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم أسأله لهم الحملان (٤) ، إذ هم معه في جيش العسرة ، وهي غزوة تبوك. وذكر الحديث. متّفق عليه (٥).
وقال ابن إسحاق (٦) : ثم إنّ رجالا أتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهم البكّاءون ،
__________________
(١) أخرجه أحمد في المسند ٤ / ٧٥ وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٢ وما بعدها.
(٢) منحة المعبود. كتاب الخلافة والإمارة ، أبواب خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضياللهعنه ، باب ما جاء في البيعة له وذكر شيء من مناقبه (٢ / ١٧٥). وانظر تاريخ دمشق ٥٢ وما بعدها (ترجمة عثمان).
(٣) رواه أحمد في المسند ٥ / ٦٣ ، وابن عساكر في تاريخ دمشق ٥٧ و ٥٨ وسيذكره المؤلّف مرّة أخرى في ترجمة عثمان بن عفّان ، في الجزء الخاص بالخلفاء الراشدين ، وهو من تحقيقنا ـ ص ٤٦٢.
(٤) الحملان : ما يحمل عليه من الدّوابّ.
(٥) أخرجه البخاري في المغازي ٥ / ١٢٨ باب غزوة تبوك وهي غزوة العسرة ، ومسلم في كتاب الأيمان (٨ / ١٦٤٩) باب ندب من حلف يمينا فرأى غيرها خيرا منها أن يأتي الّذي هو خير ويكفّر عن يمينه.
(٦) في سيرة ابن هشام ٤ / ١٧٤ وتاريخ الطبري ٣ / ١٠٢ ، وطبقات ابن سعد ٢ / ١٦٥.