من الفريق [٦٢ أ] الآخر. فكانت معاركة ، وتراموا بالنّبل والحجارة. وصاح الفريقان وارتهن كلّ واحد من الفريقين من فيهم ، فارتهن المسلمون سهيل بن عمرو وغيره ، وارتهن المشركون عثمان وغيره (١).
ودعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى البيعة. ونادى منادي رسول الله صلىاللهعليهوسلم : ألا أنّ القدس قد نزل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأمر بالبيعة ، فاخرجوا على اسم الله فبايعوا. فثار المسلمون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو تحت الشجرة ، فبايعوه على أن لا يفرّوا أبدا (٢).
فذكر القصّة بطولها ، وفيها : فقال المسلمون وهم بالحديبية قبل أن يرجع عثمان بن عفان : خلص عثمان من بيننا إلى البيت فطاف به. فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ما أظنّه طاف بالبيت ونحن محصورون». قالوا : وما يمنعه يا رسول الله وقد خلص؟ قال : «ذلك ظنّي به أن لا يطوف بالكعبة حتى يطوف معنا». فرجع إليهم عثمان ، فقال المسلمون : اشتفيت يا أبا عبد الله من الطواف بالبيت؟ فقال : بئس ما ظننتم بي ، فو الّذي نفسي بيده لو مكثت بها مقيما سنة ورسول الله صلىاللهعليهوسلم مقيم بالحديبية ما طفت بها حتى يطوف بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، ولقد دعتني قريش إلى الطّواف بالبيت فأبيت.
وقال البكّائيّ ، عن ابن إسحاق (٣) : فحدّثني عبد الله بن أبي بكر أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال حين بلغه أنّ عثمان قد قتل : لا نبرح حتى نناجز القوم. فدعا النّاس إلى البيعة. فكانت بيعة الرّضوان تحت الشجرة. فكان النّاس يقولون : بايعهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الموت ، وكان جابر يقول : لم يبايعنا على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفرّ.
__________________
(١) انظر سيرة ابن هشام ٤ / ٢٧.
(٢) السيرة ٤ / ٢٨.
(٣) السيرة ٤ / ٢٨.