والله عليه ما أصابوا ، حتى إنّ الرجل ليأتي بالشّنّة ، والرجل بالإداوة (١) وبالجبل. ثم خرج حتى قدم مكة ، فأدّى إلى النّاس بضائعهم. حتى إذا فرغ قال : يا معشر قريش ، هل بقي لأحد منكم معي مال؟ قالوا : لا فجزاك الله خيرا. فقال أما والله ما معنى أن أسلم قبل أن أقدم عليكم إلّا تخوّفا أن تظنّوا أنّي إنّما أسلمت لأذهب بأموالكم. فإنّي أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا عبده ورسوله (٢).
وأما موسى بن عقبة فذكر أنّ أموال أبي العاص إنّما أخذها أبو بصير في الهدنة بعد هذا التاريخ.
وقال ابن نمير (٣) ، عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشّعبيّ ، قال قدم أبو العاص من الشّام ومعه أموال المشركين. وقد أسلمت امرأته زينب وهاجرت. فقيل له : هل لك أن تسلم وتأخذ هذه الأموال التي معك؟ فقال : بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي. وكفلت عنه امرأته أن يرجع فيؤدّي إلى كلّ ذي حق حقّه ، فيرجع ويسلم. ففعل. وما فرّق بينهما ، يعني النّبيّ صلىاللهعليهوسلم (٤).
وقال ابن لهيعة عن موسى بن جبير الأنصاريّ ، عن عراك بن مالك ، عن أبي بكر بن عبد الرحمن ، عن أم سلمة أنّ بنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم أرسل إليها زوجها أبو العاص أن خذي لي أمانا من أبيك. فأطلعت رأسها من باب
__________________
(١) الشنّة : القربة لخلقة الصغيرة. والإداوة : إناء صغير من جلد يتّخذ للماء.
(٢) سيرة ابن هشام ٣ / ٦٩ ، ٦٠ ، نهاية الأرب ١٧ / ٦٠.
(٣) في الأصل : أبو نمير. والتصحيح من ع ومن ترجمته في تهذيب التهذيب (٩ / ٢٨٢).
(٤) ومن هذا الوجه عند أبي داود (٢٢٤٠) في الطلاق باب : إلى متى تردّ عليه امرأته إذا أسلم بعدها ، والترمذي (١١٤٣) في النكاح ، باب ما جاء في الزوجين المشركين يسلم أحدهما. وروى ابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ ٧٠ ، ٧١ رقم ١٢ من طريق ابن عباس : «ردّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم زينب ابنته على أبي العاص ابن الربيع على النكاح الأول بعد ست سنين».