فزعا ، فقمت في إثره ، فإذا بدحية الكلبيّ ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : هذا جبريل يأمرني أن أذهب إلى بني قريظة ، وقال : وضعتم السلاح ، لكنّا لم نضع السلاح ، طلبنا المشركين حتى بلغنا حمراء الأسد. وفيه : فمرّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمجالس بينه وبين بني قريظة ، فقال : هل مرّ بكم من أحد؟ قالوا (١) : مرّ علينا دحية الكلبيّ على بغلة شهباء تحته قطيفة ديباج. قال : ليس ذاك بدحية الكلبي ولكنّه جبريل أرسل إلى بني قريظة ليزلزلهم ويقذف في قلوبهم الرّعب. فحاصرهم النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، وأمر أصحابه أن يستره بالجحف حتى يسمعهم كلامه. فناداهم : يا إخوة القردة والخنازير. فقالوا : يا أبا القاسم لم تك فحّاشا. فحاصرهم حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ ، وكانوا حلفاءه ، (٢) فحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم ونساؤهم (٣).
وقال محمد بن عمرو ، عن أبيه ، عن جدّه علقمة ، عن عائشة قالت : [فجاءه] (٤) جبريل وعلى ثناياه النّقع فقال : أوضعت السّلاح؟ والله ما وضعت الملائكة ، أخرج إلى بني قريظة ، فلبس رسول الله صلىاللهعليهوسلم لأمته ، وأذّن بالرحيل ، ثم مرّ على بني غنم (٥) فقال : من مرّ بكم؟ قالوا : دحية. وكان دحية تشبه لحيته ووجهه جبريل. فأتاهم فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة ، ثم نزلوا على حكم سعد ، وذكر الحديث بطوله في مسند أحمد (٦).
__________________
(١) في ع : قال. وفي البداية والنهاية ٤ / ١١٨ «فقالوا».
(٢) في طبعة القدسي ٢٨١ «حلفاء» والتصحيح عن البداية والنهاية.
(٣) قال ابن كثير : ولهذا الحديث طرق جيدة عن عائشة وغيرها. البداية والنهاية ٤ / ١١٨.
(٤) سقطت من ع وزدناها من مسند أحمد.
(٥) في ع : بني عمرو. والتصحيح من مسند أحمد ٦ / ١٤٢ وفيه أنّ بني غنم هم جيران المسجد حوله.
(٦) مسند أحمد : مسند أحاديث عائشة (٦ / ١٤١ ـ ١٤٢) ط الميمنية ١٣١٣ ه ـ. وانظر سيرة ابن هشام ٣ / ٢٦٧.