وقال أبو أسامة ، عن هشام بن عروة. فذكره (١).
وقال اللّيث ـ واللّفظ له ـ وابن المبارك ، عن يونس بن يزيد ، عن ابن شهاب ، أخبرني عروة ، وابن المسيّب ، وعلقمة بن وقّاص ، وعبيد الله ابن عبد الله ، عن حديث عائشة ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ، فبرّأها الله ، وكلّ حدّثني بطائفة من الحديث ، وبعض حديثهم يصدّق بعضا ، وإن كان بعضهم أوعى له من بعض. قالت :
كان رسول الله [٤٦ أ] صلىاللهعليهوسلم إذا أراد أن يخرج أقرع بين نسائه ، فأيّتهنّ خرج سهمها خرج بها معه. فأقرع بيننا في غزوة غزاها ، فخرج سهمي ، فخرجت معه بعد ما نزل الحجاب ، وأنا أحمل في هودجي وأنزل فيه. فسرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلىاللهعليهوسلم من غزوته تلك ، وقفل ودنونا من المدينة ، آذن ليلة بالرحيل ، فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش. فلما قضيت شأني أقبلت إلى رحلي ، فإذا عقد لي من جزع ظفار (٢) قد انقطع ، فالتمسته ، وحبسني ابتغاؤه ، وأقبل الرّهط الذين كانوا يرحلون (٣) لي واحتملوا هودجي ، فرحّلوه على بعيري الّذي كنت ركبت. وهم يحسبون أنّي فيه. وكان النّساء إذ ذاك خفافا لم يثقلهنّ اللّحم ، إنّما يأكلن العلقة (٤) من الطعام. فلم يستنكروا خفّة الهودج حين رفعوه. وكنت جارية حديثة السّنّ. فبعثوا الجمل وساروا. فوجدت عقدي بعد ما استمرّ الجيش ، فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب. فأممت منزلي الّذي كنت فيه ، وظننت أنّهم
__________________
(١) صحيح البخاري : كتاب التفسير ، سورة النور حديث أبي أسامة عن هشام ـ باب : إن الذين يحبّون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا .. ج ٦ / ١١ ـ ١٣.
(٢) جزع ظفار : الجزع خرز يماني. وظفار مبنيّة على الكسر ، مدينة باليمن قرب صنعاء ، وقيل هي صنعاء نفسها. قال ياقوت : ولعلّ هذا كان قديما ، فأما ظفار المشهورة اليوم فليست إلّا مدينة على ساحل بحر الهند (معجم البلدان ٤ / ٦٠).
(٣) هكذا في سيرة ابن هشام ٤ / ١٠ وفي تاريخ الطبري ٢ / ٦١٢ «يرجّلون».
(٤) العلقة : ما يتبلّغ به من الطعام.