تراجعني. فعادت فعثرت فقالت (١) : تعس مسطح. فقلت : أي أمّ أتسبيّن ابنك صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فلم تراجعني. ثم عثرت الثالثة فقالت : تعس مسطح. فقلت : أي أم ، أتسبيّن ابنك صاحب رسول الله صلىاللهعليهوسلم؟ فقالت : والله ما أسبّه إلّا من أجلك وفيك. فقلت : وفي أيّ شأني؟ قالت : وما علمت بما كان؟ فقلت : لا ، وما الّذي كان؟ قالت : أشهد أنّك مبرّأة ممّا قيل فيك. ثم بقرت (٢) لي الحديث ، فأكرّ راجعة إلى البيت ما أجد ممّا خرجت له قليلا ولا كثيرا. وركبتني الحمّى فحممت. فدخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم فسألني عن شأني ، فقلت : أجدني موعوكة ، ائذن لي أذهب إلى أبويّ. فأذن لي ، وأرسل معي الغلام ، فقال : امش معها. فجئت فوجدت أمّي في البيت الأسفل ، ووجدت أبي يصلّي في العلوّ فقلت لها : أي أمه ، ما الّذي سمعت؟ فإذا هي لم ينزل بها من حيث نزل منّي ، فقالت : أي بنيّة وما عليك ، فما من امرأة لها ضرائر تكون جميلة يحبّها زوجها إلّا وهي يقال لها بعض ذلك. فقلت : وقد سمعه أبي؟ فقالت : نعم ، فقلت : وسمعه رسول الله صلّى الله عليه [٤٥ ب] وسلم؟ فقالت : ورسول الله صلىاللهعليهوسلم. فبكيت ، فسمع أبي البكاء ، فقال : ما شأنها؟ قالت : سمعت الّذي تحدّث به. ففاضت عيناه يبكي ، فقال : أي بنيّة ، ارجعي إلى بيتك ، فرجعت ، وأصبح أبواي عندي ، حتى إذا صلّيت العصر دخل رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأنا بين أبويّ ، أحدهما عن يميني والآخر عن شمالي ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : أما بعد يا عائشة إن كنت ظلمت أو أخطأت أو أسأت فتوبي وراجعي أمر الله واستغفري ، فوعظني ، وبالباب امرأة من الأنصار قد سلّمت ، فهي جالسة بباب البيت في الحجرة ، وأنا أقول : ألا تستحي أن تذكر هذا ، والمرأة تسمع ، حتى إذا قضى كلامه قلت لأبي وغمزته : ألا
__________________
(١) في الأصل : «فعادت ثم عثرت فعادت تعس مسطح» والتصحيح من صحيح البخاري.
(٢) أي فتحت وكشفت.