الله صلىاللهعليهوسلم بعد الحجّ بقيّة ذي الحجّة ، والمحرّم ، وصفر ، وإنّ مشركي قريش أجمعوا أمرهم ومكرهم على أن يأخذوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فإمّا أن يقتلوه أو يحبسوه أو يخرجوه ، فأخبره الله بمكرهم في قوله : (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا) (١) الآية ، فخرج رسول الله صلىاللهعليهوسلم وأبو بكر تحت الليل قبل الغار بثور ، وعمد عليّ فرقد على فراش رسول الله صلىاللهعليهوسلم يواري عنه العيون (٢).
وكذا قال موسى بن عقبة ، وزاد : فباتت قريش يختلفون ويأتمرون أيّهم يجثم على صاحب الفراش فيوثقه ، إلى أن أصبحوا ، فإذا هم بعليّ ، فسألوه عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فأخبرهم أنّه لا علم له به ، فعلموا عند ذلك أنّه قد خرج فارّا منهم ، فركبوا في كلّ وجه يطلبونه (٣).
وكذا قال ابن إسحاق (٤) : لمّا أيقنت قريش أنّ محمدا صلىاللهعليهوسلم قد بويع ، وأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم من كان بمكة من أصحابه أن يلحقوا بإخوانهم بالمدينة ، تآمروا فيما بينهم فقالوا : الآن ، فأجمعوا في أمر محمد فو الله لكأنّه قد كرّ عليكم بالرجال ، فأثبتوه أو اقتلوه أو أخرجوه.
فاجتمعوا له في دار النّدوة ليقتلوه. فلمّا دخلوا الدّار اعترضهم الشيطان في صورة رجل جميل في بتّ (٥) له فقال : أأدخل؟ قالوا : من أنت؟ قال : أنا رجل من أهل نجد ، سمع بالذي اجتمعتم له ، فأراد أن يحضره معكم ، فعسى أن لا يعدمكم منه نصح ورأي ، قالوا : أجل فادخل ، فلمّا دخل قال بعضهم لبعض : قد كان من الأمر ما قد علمتم ، فأجمعوا رأيا
__________________
(١) سورة الأنفال ـ الآية ٣٠.
(٢) المغازي لعروة ١٢٩.
(٣) المغازي ١٢٩.
(٤) سيرة ابن هشام ٢ / ٢٢١.
(٥) البتّ : بفتح الباء. هو الكساء الغليظ المربع ، وقيل : الطيلسان من خزّ ونحوه ، وقيل كساء من الصّوف. (هامش عيون الأثر ١ / ١٧٧).