عبّاس قال : قدم ضماد مكة ، وهو من أزد شنوءة ، وكان يرقي من هذه الرياح (١) فسمع سفهاء من سفهاء النّاس يقولون إنّ محمدا مجنون ، فقال : آتي هذا الرجل لعلّ الله أن يشفيه على يديّ ، قال : فلقيت محمدا فقلت : إنّي أرقي من هذه الرياح ، وإنّ الله يشفي على يدي من يشاء ، فهلمّ ، فقال محمد : إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه ، من يهدي الله فلا مضلّ له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له (ثلاث مرّات) ، وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله ، أمّا بعد ، فقال : (٢) والله لقد سمعت قول الكهنة ، وقول السّحرة ، وقول الشعراء ، فما سمعت مثل هؤلاء الكلمات (٣) ، فهلمّ يدك أبايعك على الإسلام ، فبايعه رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقال له : «وعلى قومك» فقال : وعلى قومي. فبعث النّبيّ صلىاللهعليهوسلم سريّة ، فمرّوا بقوم ضماد. فقال صاحب الجيش للسّريّة : هل أصبتم من هؤلاء شيئا؟ فقال رجل منهم : أصبت منهم مطهرة ، فقال : ردّوها عليهم فإنّهم قوم ضماد. أخرجه مسلّم (٤).
إسلام الجنّ
قال الله تعالى : (وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ
__________________
(١) في صحيح مسلّم «الريح» ، وفي النهاية لابن الأثير «إنّي أعالج من هذه الأرواح» ، والأرواح أو الريح كناية عن الجنّ.
(٢) في المنتقى لابن الملا «فقال ضماد».
(٣) في حاشية الأصل و (ع) «ولقد بلغن قاموس البحر» وفي روآية «ناعوس». ولفظ «قاموس» هو المشهور في روآيات الحديث في غير صحيح مسلّم. وقال القاضي عياض : أكثر نسخ صحيح مسلّم وقع فيها «قاعوس». قال أبو عبيد : قاموس البحر وسطه ، وقال ابن دريد : لجّته. وقال صاحب كتاب العين : قعره الأقصى. (انظر : صحيح مسلّم).
(٤) صحيح مسلّم (٨٦٨) كتاب الجمعة ، باب تخفيف الصلاة والخطبة ، وأخرجه البيهقي في دلائل النبوّة ٢ / ١٠ ، وابن الجوزي في صفة الصفوة ١ / ٦٠٤ ـ ٦٠٥ ، وفيه : أخرج هذه القصة أيضا الإمام أحمد في مسندة برقم ٢٧٤٩ وأخرجها أيضا النسائي في السنن ، وأبو نعيم في دلائل النبوّة برقم ١٨٧ بتحقيق قلعة جي وعبّاس.