عائشة : إنّ أبا بكر رجل رقيق ، وإنّه إن قام مقامك بكى ، فأمر عمر فليصلّ بالنّاس (١) ، فقال : مروا أبا بكر ، فأعادت عليه ، فقال : إنّكن صواحب يوسف ، فلم يزل أبو بكر يصلّي بالنّاس حتّى كان ليلة الاثنين من ربيع الأول ، فأقلع عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم الوعك وأصبح مفيقا ، فغدا إلى صلاة الصّبح يتوكّأ على الفضل وغلام له يدعى ثوبان (٢) ورسول الله صلىاللهعليهوسلم بينهما ، وقد سجد النّاس مع أبي بكر من صلاة الصّبح ، وهو قائم في الأخرى ، فتخلّص (٣) رسول الله صلىاللهعليهوسلم الصّفوف يفرّجون له ، حتّى قام إلى جنب أبي بكر فاستأخر أبو بكر ، فأخذ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بثوبه فقدّمه في مصلّاه فصفّا جميعا ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم جالس ، وأبو بكر قائم يقرأ ، فلمّا قضى قراءته قام رسول الله صلىاللهعليهوسلم فركع معه الرّكعة الآخرة ، ثم جلس أبو بكر يتشهّد والنّاس معه ، فلمّا سلّم أتمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم الرّكعة الآخرة ، ثم انصرف (٤) إلى جذع من جذوع المسجد ، والمسجد يومئذ سقفه من جريد وخوص ، ليس على السّقف كثير طين ، إذا كان المطر امتلأ المسجد طينا ، إنّما هو كهيئة العريش ، وكان أسامة قد تجهّز للغزو.
باب حال النّبي صلىاللهعليهوسلم لمّا احتضر
قال الزّهريّ : أخبرني عبيد الله بن عبد الله ، أنّ عائشة ، وابن عبّاس قالا : لما نزل برسول الله صلىاللهعليهوسلم (٥) طفق يطرح خميصة له على وجهه ، فإذا اغتمّ كشفها عن وجهه ، فقال وهو كذلك : «لعنة الله على اليهود والنّصارى
__________________
(١) هنا تكرار كلمات في نسخة (ع).
(٢) في الأصل (نوبا) في موضع (ثوبان) ، والتصحيح من طبقات ابن سعد ونسخة دار الكتب.
(٣) في طبقات ابن سعد (فخرج فجعل يفرّج الصّفوف).
(٤) حتى هنا ينتهي الحديث في طبقات ابن سعد ٢ / ٢١٩ ـ ٢٢٠.
(٥) أي نزل به في المرض.