الصورة الثانية : العلم بالمركبات ، كما اذا تصورنا بحرا من زئبق ، وجبلا من زبرجد (٩) فان البحر والجبل عبارة عن جواهر موصوفة بالتركيب والتأليف ، وموصوفة بألوان مختلفة ، وأشكال مخصوصة. وعندكم الثابت فى العدم ، انما هو ذوات الجواهر والأعراض. فأما أن يكون الجوهر موصوفا بالعرض ، فذلك غير ثابت فى العدم البتة والجبل انما يكون جبلا بكون الجواهر موصوفة بالأعراض والتركيبات. فاذن الشعور الذهنى حاصل فى هذه الصورة ، مع أن المشعور به غير حاصل البتة ، لا فى العدم ولا فى الوجود.
الصورة الثالثة : العلم بالنسب والاضافات. مثل علمنا بحصول هذا الجسم فى هذا الحيز ، دون ذلك الحيز ، وطلوع الشمس غدا من المشرق لا من المغرب. ولا معنى لطلوع الشمس من المشرق الا حصول ذاتها فى ذلك الحيز دون هذا الحيز ولا شك ولا نزاع أن هذه النسب غير ثابتة فى العدم ، لأن كون الشمس المعدوم حاصلة فى المكان المعدوم محال فى بداهة العقل ، وأنتم ساعدتم أيضا على أنه لا حصول ولا تقرر لأمثال هذه النسب فى العدم.
الصورة الرابعة : انا نعلم امتياز العدم عن الوجود ، وامتياز النفى المحض والسلب الصرف عن الثبوت. ومسمى النفى الصرف والسلب المحض محكوم عليه بكونه متميزا عن الثبوت ، مع أنه يستحيل أن يكون لمسمى النفى المحض ثبوت. لأن المراد من النفى المحض ما هو مقابل لمسمى الثبوت ومناف له. فلو كان له ثبوت بوجه ما ، لكان منافى الشيء ومناقضه ، نفس ذلك الشيء. وهو محال. ولأن الخصم يساعد على أن مسمى العدم غير ثابت فى العدم.
الصورة الخامسة : انا نحكم على الماهية المعدومة بأنها غير
__________________
(٩) ياقوت : ب.