الفصل الرابع
فى
بيان أن النظر المقرون بحرف الى.
هل هو موضوع للرؤية أم لا؟
وقد اختلف الناس فيه. فزعم بعض أصحابنا : أنه للرؤية. وأنكر ذلك بعض المحققين منا ، وجمهور المعتزلة. وقالوا : لفظ النظر موضوع. اما لكون الحدقة مقابلة للمرئى. كما يقال : جبلان متناظران ، أى متقابلان. واما لتقليب الحدقة السليمة نحو المرئى ، طلبا للرؤية.
واحتج من قال بأن لفظ النظر المقرون ب «الى» للرؤية ، بالقرآن والشعر.
أما القرآن : فآيتان :
الأولى : قوله تعالى : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) والاستدلال به من وجهين :
الأول : انه لو كان النظر عبارة عن تقليب الحدقة الى جهة المرئى ، لكان معنى الآية: أرنى حتى أقلب حدقتى الى جهتك. وهذا يتقضى أن يكون موسى عليهالسلام قد أثبت الجهة لله تعالى. وذلك باطل.
والثانى : انه رتب النظر على الإراءة. والمرتب على الإراءة : هو الرؤية ، لا تقليب الحدقة. فيدل هذا : على أن النظر هو الرؤية.
الآية الثانية : قوله تعالى : (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ)؟ [الغاشية ١٧] والّذي يفيد معرفة كيفية الخلقة : هو الرؤية. لا تقليب الحدقة.